للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باللهِ ما كان معه إلا رغيفٌ واحدٌ. فَانْطَلَقا حتى نزَلا قريةً، فنزل اليهوديُّ أعلاها، وعيسى في أسفلِها، وأخَذ اليهوديُّ عصا مثلَ عصا عيسى (١)، وقال: أنا الآن أُحْيى الموتى. وكان مَلِكُ تلك المدينةِ مريضًا شديدَ المرضِ، فانْطَلَق اليهوديُّ يُنَادِى: مَن يَبْتَغِى طبيبًا. حتى أتى مَلِكَ تلك القريةِ، فأُخْبِر بوَجَعِه، فقال: أدْخِلونى عليه، فأنا أُبْرِئُه، وإن رأيْتُموه قد مات فأنا أُحْيِيه. فقيل له: إن وجَعَ الملكِ قد أعْيا الأطِباءَ قبلَك، ليس مِن طبيبٍ يُداوِيه ولا يُفِيءُ (٢) دواؤُه شيئًا إلا أُمِر به فصُلِب. قال: أَدْخِلونى عليه، فإني سأبرئُه. فأُدْخِل عليه، فأَخَذ برِجْلِ المَلِكِ،، فضرَبه بعصاه حتى مات، فجعَل يَضْرِبُه بعصاهُ وهو ميتٌ، ويقولُ: قُمْ بإذنِ اللهِ. فأُخِذ ليُصْلَبَ، فبلَغ عيسى، فأقْبَل إليه، وقد رُفِع على الخشبةِ، فقال: أرأيْتُم إِن أَحْيَيْتُ لكم صاحبَكم أتَتْرُكون لي صاحبي؟ قالوا: نعم. فأحْيا اللهُ المَلِكِ لعيسى، فقام وأُنْزِل اليهوديُّ، فقال اليهوديُّ (٣): يا عيسى، أنت أعْظَمُ الناسِ على مِنَّةً، واللهِ لا أفارِقُك أبدًا (٤).

قال عيسى - فيما حدَّثنا به محمدُ بنُ الحسينِ بن موسى، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ قال: ثنا أسْباطُ، عن السُّدِّيِّ - لليهوديِّ: أَنْشُدُك بالذي أحْيَا الشاةَ والعِجلَ بعدَ ما أكَلْناهما، وأحْيَا هذا بعدَ ما مات، وأَنْزَلَك مِن الجِذْعِ بعدَ ما رُفِعْتَ (٥) عليه لتُصْلَبَ، كم كان معك رغيفًا؟ قال: فحلَف بهذا كلِّه، ما كان معه


(١) في س: "موسى".
(٢) في مصدر التخريج: "يغنى". وأصل الفَئْ: الرجوع، وقيده بعضهم بالرجوع إلى حالة حسنة. تاج العروس (ف ى أ).
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٣، س.
(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ٤٧/ ٣٩٦، ٣٩٧ من طريق عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدى، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس.
(٥) في ص، ت ٢: "رفعك".