إلا رغيفٌ واحدٌ. قال: لا بأسَ. فانْطَلَقا حتى مرَّا على كَنْزٍ قد حفَرَتْه السِّباعُ والدوابُّ، فقال اليهوديُّ: يا عيسى، لِمَن (١) هذا المالُ؟ قال عيسى: دَعْه، فإن له أهلًا يَهلِكون عليه. فجعَلَت نفسُ اليهوديِّ تَطَلَّعُ إلى المالِ، ويَكْرَه أَن يَعْصِيَ عيسى، فانْطَلَق مع عيسى، ومرَّ بالمالِ أربعةُ نفرٍ. فلمَّا رأَوْهِ اجْتَمَعوا عليه، فقال اثنان لصاحِبَيْهما: انْطَلِقا فابْتاعا لنا طعامًا وشرابًا ودوابَّ نَحْمِلُ عليها هذا المالَ. فانْطَلَق الرجلان فابْتاعا دوابَّ وطعامًا وشرابًا، وقال أحدُهما لصاحبِه: هل لك أن نَجْعَلَ لصاحبَيْنا في طعامِهما سُمًّا، فإذا أكَلا ماتا، فكان المالُ بينى وبينَك؟ فقال الآخَرُ: نعم. ففعَلا، وقال الآخَران: إذا ما أَتَيَانا بالطعامِ، فَلْيَقُمْ كُلُّ واحدٍ إلى صاحبِه فيَقْتُله، فيكونَ الطعامُ والدوابُّ بينى وبينَك. فلما جاءا بطعامَهما قاما فقتَلاهما، ثم قعَدا على الطعامِ فأكَلا منه منه فماتا، وأُعْلِم ذلك عيسى،، فقال لليهوديِّ: أخْرِجْه حتى نَقْتَسِمَه. فَأَخْرَجه، فقسَمه عيسى بينَ ثلاثةٍ، فقال اليهوديُّ: يا عيسى، اتَّقِ الله ولا تَظْلِمْنى، فإنما هو أنا وأنت، ما هذه الثلاثةُ؟ قال له عيسى: هذا لي، وهذا لك، وهذا الثلُثُ لصاحبِ الرغيفِ. قال اليهوديُّ: فإن أخْبَرْتُك بصاحبِ الرَّغيفِ تُعْطِيني هذا المالَ؟ فقال عيسى: نعم. قال: أنا هو. قال عيسى: خُذْ حظى وحظَّك وحظَّ صاحبِ الرغيفِ، فهو حظُّك مِن الدنيا والآخرةِ. فلمَّا حمَله مشَي به شيئًا، فخُسِف به، وانْطَلَق عيسى ابن مريمَ، فمرَّ بالحَوارِيِّين وهم يَصْطادون السمكَ، فقال: ما تَصْنَعون؟ فقالوا: نَصْطادُ السمكَ. فقال: أفلا تَمْشون حتى نَصْطادَ الناسَ؟ قالوا: ومَن أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريمَ. فآمنوا به، وانْطَلَقوا معه، فذلك قولُ اللهِ ﷿: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.