للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعَل ذلك رسولُ اللهِ انْخَزَلوا (١) فامْتَنَعُوا مِن المُلاعَنةِ، ودَعَوْا إلى المُصالَحَةِ.

كالذى حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا جَرِيرٌ، عن مُغيرةَ، عن عامرٍ، قال: فأُمِر - يعنى النبيَّ بمُلاعنتِهم - يعني بمُلاعنةِ أهلِ نَجْرانَ - بقولِه: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ الآية. فتَواعَدوا أن يُلاعِنوه، وواعَدوه الغدَ، فانْطَلَقوا إلى السيدِ والعاقبِ، و [كانا أعقلَهم] (٢) فتابَعاهم، فانْطَلَقوا إلى رجلٍ منهم عاقلٍ، فذكَروا له ما فارَقوا عليه رسولَ اللهِ ، فقال: ما صنَعْتُم! وندَّمَهم، وقال لهم: إن كان نبيًّا، ثم دعا عليكم، لا يُغْضِبُه اللهُ فيكم أبدًا، ولئن كان مَلِكًا، فظهَر عليكم لا يَسْتَبْقِيكم (٣) أبدًا. قالوا: فكيف لنا وقد واعَدَنا؟ فقال لهم: إذا غدَوْتُم إليه، فعرَض عليكم الذي فارِقْتُموه عليه، فقولوا: نَعوذُ باللهِ. فإن دعاكم أيضًا، فقولوا (٤): نَعوذُ باللهِ. ولعلَّه أن يُعْفِيَكم مِن ذلك. فلما غدَوْا، غدا النبيُّ مُحْتَضِنًا حَسَنًا، آخِذًا بيدِ الحسينِ، وفاطمةُ تَمْشِى خلفَه، فدَعاهم إلى الذي فارَقُوه عليه بالأمسِ، فقالوا: نَعوذُ باللهِ. ثم دعاهم، فقالوا: نَعوذُ باللهِ، مِرارًا، قال: "فإن أبَيْتُم فأَسْلِمُوا، ولكم ما للمُسْلِمين، وعلَيْكم ما علَى المسْلِمين كما قال اللهُ ﷿، فإن أبَيْتُم فأعْطُوا الجِزْيةَ عن يدٍ وأنتم صاغرون كما قال اللهُ ﷿". قالوا: ما نَمْلِكُ إلا أنفسَنا. قال: "فإن أبَيْتُم فإنى أنْبِذُ إليكم على سواءٍ كما قال اللهُ ﷿". قالوا: ما لنا طاقةٌ بحربِ العربِ، ولكن نُؤَدِّى الجزيةَ. قال: فجعَل عليهم في كلِّ سنةٍ ألفَى (٥) حُلَّةٍ؛ ألفًا في رجبٍ، وألفًا في صَفَرٍ. فقال


(١) في س: "انجذبوا".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كان أعقلهما"، وفى س: "كانا أعقلهما".
(٣) في ص، ت ١، س: "يسبقنكم".
(٤) بعده في م: "له".
(٥) في س: "ألف ألف".