للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبيُّ : "لَقَد أتانيَ البَشيرُ بهَلَكةِ أهلِ نَجْرانَ، حتى الطيرُ على الشجرِ - أو العصافيرُ على الشجرِ - لو تَمُّوا على الملاعنةِ" (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جَرِيرٌ، قال: فقلتُ للمغيرةِ: إن الناسَ يَرْوُون في حديثِ أهلِ نَجْرانَ أن عليًّا كان معهم (٢). فقال: أما الشعبيُّ فلم يَذْكُرْه، فلا أَدْرِى لسُّوءِ رأى بني أميةَ في عليٍّ، أولم يَكُنْ في الحديثِ.

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزبيرِ: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ إلى قولِه: ﴿فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾: فدعاهم إلى النَّصَفِ (٣)، وقطَع عنهم الحُجَّةَ، فلما أتَى رسولَ اللهِ الخبرُ مِن اللهِ عنه، والفصلُ مِن القَضاءِ بينَه وبينَهم، وأمَره بما أمَره به مِن ملاعنتِهم، [إن ردُّوا] (٤) عليه، دعاهم إلى ذلك، فقالوا: يا أبا القاسم، دَعْنا نَنْظُرْ في أمرِنا، ثم نَأْتِيك بما (٥) نُرِيدُ أن نَفْعَلَ فيما دعَوْتَنا إليه. فانْصَرَفوا عنه، ثم خلَوْا بالعاقبِ، وكان ذا رأيِهم، فقالوا: يا عبدَ المسيحِ، ما تَرَى؟ قال: واللهِ يا معشرَ النصارى، لقد عرَفْتُم أن محمدًا لنَبيٌّ مرسَلٌ، ولقد جاءَكم بالفصلِ مِن خبرِ صاحبِكم، ولقد علِمْتُم ما لاعَن قومٌ نبيًّا قطُّ، فبقِى كبيرُهم، ولا نبَت صغيرُهم، وإنه للاستئصالُ منكم إن فعَلْتُم، فإن كنتم قد أبَيْتُم إلا إلْفَ دينِكم، والإقامةَ على ما أنتم عليه مِن القولِ في صاحبِكم، فوادِعوا الرجلَ، ثم انْصَرِفوا إلى بلادِكم حتى يُرِيَكُم زَمَنٌ رَأيَهِ. فَأَتَوْا رسولَ اللهِ فقالوا: يا أبا القاسمِ، قد رأيْنا ألا نُلاعِنَك، وأن نَتْرُكَك على


(١) تقدم تخريجه في ص ٤٥٩، ٤٦٠.
(٢) أي: كان مع النبي وفاطمة والحسن والحسين، كما سيأتي.
(٣) النصف، الاسم من الإنصاف، وهو أن تعطيه من الحق كالذي تستحقه لنفسك. التاج (ن ص ف).
(٤) في ص، ت ٢، ت ٣: "أوردوا"، وفى ت ١، س: "إذ ردوا".
(٥) في ص، ت ٢: "فما".