للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه في حالٍ واحدةٍ، واجتماعُ الهُدَى والضَّلالِ له في وقتٍ واحدٍ - وُصِف القومُ - مع وَصْفِ اللَّهِ إياهم بما وصَفَهم به مِن توفيقِه إياهم وهدايتِه لهم، وإنعامِه عليهم بما أنْعَم اللَّهُ به عليهم في دينِهم بأنهم غيرُ مغضوبٍ عليهم ولا هم ضالُّون - أم لم يُوصَفوا بذلك؛ لأن الصفةَ الظاهرةَ التي وُصِفوا بها قد أنْبَأَت عنهم أنهم كذلك، وإن لم يُصَرِّحْ وصفَهم به. هذا إذا وجَّهْنا ﴿غَيْرِ﴾ إلى أنها مخفوضةٌ على نيةِ تكريرِ الصراطِ الخافضِ ﴿الَّذِينَ﴾، ولم نَجْعَلْ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ مِن صفةِ ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ بل إذا جعَلْناهم غيرَهم، وإن كان الفريقان لا شكَّ مُنْعَمًا عليهما في أدْيانِهما. فأما إذا وجَّهْنا ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ إلى أنها مِن نعتِ ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ فلا حاجةَ بسامعِه إلى (١) الاستدلالِ، إذ كان الصريحُ مِن معناه قد أغْنَى عن الدليلِ.

وقد يَجوزُ نصبُ: ﴿غَيْرِ﴾ (٢) في: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ وإن كنتُ للقراءةِ بها كارهًا لشُذوذِها عن قراءةِ القُرَّاءِ، وأن ما شذَّ مِن القراءات عما جاءت به الأمةُ نقلًا ظاهرًا مُسْتَفيضًا، فرأيٌ للحقِّ مخالفٌ، وعن سبيلِ اللَّهِ وسبيلِ رسولِه وسبيلِ المسلمين مُتجانِفٌ، وإن كان له - [لو كان جائزَ القراءةِ] (٣) به - في الصوابِ مَخْرَجٌ.

وتأويلُ وجهِ صوابِه إذا نصَبْتَ أن يُوَجَّهَ إلى أن يَكونَ صفةً للهاءِ والميمِ اللتين في


(١) في م: "إلا".
(٢) والنصب رواية عن ابن كثير - وهو من السبعة - وقرأ بها من الصحابة؛ عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن الزبير. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ١١١، والبحر المحيط ١/ ٢٩.
(٣) في م: "كانت القراءة جائزة".