للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿عَلَيْهِمْ﴾ العائدةِ على ﴿الَّذِينَ﴾ لأنها وإن كانت مخفوضةً بـ "على"، فهي في محلِّ نصبٍ بقولِه: ﴿أَنْعَمْتَ﴾. فكان (١) تأويلُ الكلامِ - إذا نصَبْتَ (غَيْرَ) التي مع ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ - صراطَ الذين هدَيْتَهم إنعامًا منك عليهم، غيرَ مغضوبٍ عليهم - أي: لا مَغضوبًا عليهم - ولا ضالين. فيكونُ النصبُ في ذلك حينَئذٍ كالنصبِ في "غيرِ"، في قولِك: مرَرْتُ بعبدِ اللَّهِ غيرَ الكريمِ ولا الرشيدِ. فتَقْطَعُ غيرَ الكريمِ مِن عبدِ اللَّهِ، إذ كان عبدُ اللَّهِ معرفةً مؤقتةً، وغيرُ الكريمِ نكرةً مجهولةً.

وقد كان بعضُ نحويِّي البصريين يَزْعُمُ أن قراءةَ مَن نصَب (غَيْرَ) في ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ على وجه استثناءِ: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ مِن معاني صفةِ ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ كأنه كان يرَى أن معنى الذين قرَءوا ذلك نصبًا: اهدنا الصراطَ المستقيمَ، صراطَ الذين أنعمتَ عليهم، إلا المغضوبَ عليهم، الذين لم تُنْعِمْ عليهم في أديانِهم ولم تَهْدِهم للحقِّ، فلا تَجْعَلْنا منهم.

كما قال نابغةُ بني ذبيانَ (٢):

وقَفْتُ فيها أُصَيْلَالًا (٣) أُسائِلُها … عَيَّت (٤) جوابًا وما بالرَّبْعِ (٥) مِن أحدِ


(١) في م: "فكأن".
(٢) ديوانه ص ٢، ٣.
(٣) الأصيل: العشى، والجمع أُصُل وأُصلان، وتصغيره أصيلان وأصيلال. اللسان (أ ص ل).
(٤) في م: "أعيت".
(٥) الربع: المنزل والدار. اللسان (ر ب ع).