للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا أَوارِيَّ (١) لَأْيًا (٢) ما أُبَيِّنُها … والنُّؤْيُ (٣) كالحوضِ بالمظلومةِ (٤) الجَلَدِ (٥)

والأوارِيُّ معلومٌ أنها ليست من عِدَادِ أحدٍ في شيءٍ. فكذلك عندَه اسْتَثْنَى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ مِن ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ وإن لم يكونوا مِن معانيهم في الدينِ في شيءٍ.

وأما نحويُّو الكوفيين فأنْكَروا هذا التأويلَ واستَخْطَئوه (٦)، وزعَموا أن ذلك أو كان كما قاله الزاعمُ [ما زعَم] (٧) مِن أهلِ البصرةِ، لكان خطأً أن يقالَ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ لأن "لا" نفيٌ وجَحْدٌ، ولا يُعْطَفُ بجحدٍ إلا على جحدٍ. وقالوا: لم نَجِدْ في شيءٍ مِن كلامِ العربِ استثناءً يُعْطَفُ عليه بجحدٍ، وإنما وجَدْناهم يَعْطِفون على الاستثناءِ بالاستثناءِ، وبالجحدِ على الجحدِ، فيقولون في الاستثناءِ: قام القومُ إلا أخاك وإلا أباك. وفي الجحدِ: ما قام أخوك ولا أبوك. وأما: قام القومُ إلا أباك ولا أخاك. فلم نَجِدْه في كلامِ العربِ. قالوا: فلما كان ذلك معدومًا في كلامِ العربِ، وكان القرآنُ بأفصحِ لسانِ العربِ نزولُه، علِمْنا - إذ كان قولُه: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ معطوفًا على قولِه: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ - أن: ﴿غَيْرِ﴾ بمعنى الجحدِ لا بمعنى إلاستثناءِ، وأن تأويلَ مَن وجَّهَها إلى الاستثناءِ خطأٌ.


(١) الأواري جمع آرِيٍّ: محبس الدابة. اللسان (أ ر ى).
(٢) اللأى: المشقة والجهد. اللسان (ل أ ى).
(٣) النؤى: الحفير حول الخباء أو الخيمة يدفع عنها السيل يمينا وشمالا ويبعده. اللسان (ن أ ى).
(٤) المظلومة: يعني أرضا مروا بها في برية فتحوضوا حوضا سقوا فيه إبلهم، وليست بموضع تحويض. اللسان (ظ ل م).
(٥) الجلد: الغليظ من الأرض، والأرض الصلبة. اللسان (ج ل د).
(٦) ص: "استخفوه".
(٧) سقط من: م، ت ٣.