للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِيمَانِهِمْ﴾. أي: بعدَ تَصْديقِهم إيَّاه، وإقرارِهم به فيما جاءَهم به من عندِ ربِّه، ﴿وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ﴾. يقولُ: وبعدَ أن أقَرُّوا أن محمدًا رسولُ اللَّهِ إلى خَلْقِهِ حَقًّا. ﴿وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾. يعنى: وجاءهم الحُجَجُ من عندِ اللَّهِ، والدلائلُ بصحةِ ذلك. ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: واللهُ لا يُوَفِّق (١) للحَقِّ والصوابِ الجماعةَ الظَّلَمَةَ، وهم الذين بَدَّلوا الحقَّ إلى الباطلِ، فاختاروا الكفرَ على الإيمانِ.

وقد دلَّلنا فيما مضَى قبلُ على معنى "الظُّلْمِ"، وأنه وَضْعُ الشيءِ في غيرِ مَوضعِه، بما أغنَى عن إعادتِه (٢).

﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ﴾. يعنى: هؤلاءِ الذين كفَروا بعدَ إيمانِهم، وبعدَ أن شَهِدوا أن الرسولَ حقٌّ. ﴿جَزَاؤُهُمْ﴾: ثوابُهم من عملِهم الذي عَمِلوه. ﴿أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ﴾. يعنى: أن يَحِلَّ (٣) بهم من اللهِ الإقصاءُ والبُعْدُ، ومن الملائكةِ والناسِ ما (٤) يَسوءُهم من العقابِ. ﴿أَجْمَعِينَ﴾. يعنى: من جميعِهم، لا من (٥) بعضِ مَن سمَّاه جلَّ ثناؤه من الملائكةِ والناسِ، ولكن مِن جميعِهم. وإنما جعَل ذلك جلَّ ثناؤه ثوابَ عملِهم؛ لأن عملَهم كان باللهِ كُفْرًا.

وقد بَيَّنا صفةَ لعنةِ الناسِ الكافرَ في غيرِ هذا الموضع، بما أغنَى عن إعادتِه (٦).


(١) في ت ١: "يوقف".
(٢) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٥٩، ٥٦٠.
(٣) في ص، م: "حل".
(٤) في ص، م: "إلا مما"، وفى ت ١، ت ٣، س: "إلا ما"، وفى ت ٢: "مما". والمثبت ما يستقيم به السياق.
(٥) سقط من: م.
(٦) ينظر ما تقدم في ٢/ ٢٣٢، ٧٣٣.