للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"البقرةِ" (١) وغيرِها مِن سُورِ القرآنِ، وبيَّنتُ الصوابَ من القولِ عندَنا في ذلك، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ.

وأما قولُه: ﴿لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا﴾. فإنه يعنى: لَلْبيتُ الذي بمُزْدَحَمِ الناسِ؛ لطوافِهم في حَجِّهم وعُمَرِهم.

وأصلُ البَكِّ الزَّحْمُ. يقالُ منه: بكَّ فلانٌ فلانًا. إذا زحَمه [وصدَمه] (٢). فهو يَبُكُّه بَكًّا. وهم يَتَباكُّون فيه. يَعْنى به: يَتَزاحَمون ويَتَصادَمون فيه. فكأَنَّ "بكَّةَ" فَعْلَةٌ، مِن: بكَّ فلانٌ فلانًا: زَحَمه (٣). سُمِّيت البقعةُ بفعلِ المُزْدَحِمِين بها.

فإذ كانت بكَّةُ ما وَصَفْنا، وكان موضعَ ازْدِحامِ الناسِ حولَ البيتِ، وكان لا طَوافَ يجوزُ خارجَ المسجدِ، كان معلومًا بذلك أَنْ يكونَ ما حولَ الكعبةِ مِن داخلِ المسجدِ، وأنَّ ما كان خارجَ المسجدِ فـ "مكةُ" لا لا "بكةُ"؛ لأنه لا معنى خارجَه يُوجبُ على الناسِ التَّباكَّ فيه. وإذ كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا بذلك فسادُ قولِ مَن قال: بكةُ اسمٌ لبطنِ مكةَ. ومكةُ اسمٌ للحَرَمِ (٤).


(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٤٩ - ٥٥٦.
(٢) في ص، س: "صدمةً أو زحمةً".
(٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من زحمة".
(٤) بعده في ص: "يتلوه ذكر من قال في ذلك ما قلنا، من أن بكة موضع مزدحم الناس للطواف. والحمد لله على عونه وإحسانه - وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما. بسم الله الرحمن الرحيم. رب يسر. أخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان البغدادى قال: حدثنا محمد بن جرير". وبعده في ت ١، س: "أخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان البغدادي، قال: حدثنا محمد بن جرير ".