للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ عليكم التي أَنْزلها في كتابِه على نبيِّه محمدٍ ، ﴿وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ حُجَّةٌ أُخرى عليكم للَّهِ، مع أي كتابِه، يدعوكم جميعُ ذلك إلى الحقِّ، ويُبصِّرُكم الهدَى والرشادَ، ويَنْهاكم عن الغَيِّ والضلالِ. يقولُ لهم تعالى ذكرُه: فما [وجهُ عذرِكم] (١) عندَ ربِّكم في جحودِكم نبوَّةَ نبيِّكم، وارتدادِكم على أعقابِكم، ورجوعِكم إلى أمرِ جاهليتِكم، إن أنتم رَاجَعْتم ذلك وكفَرْتم، وفيه هذه الحُججُ الواضحةُ، والآياتُ (٢) البينةُ على خطأَ فعلِكم ذلك إن فَعَلْتُموه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ﴾ الآية: عَلَمان بيِّنان؛ وِجدانُ نبيِّ اللَّهِ ، وكتابُ اللَّهِ؛ فأما نبيُّ اللَّهِ فمَضَى ، وأما كتابُ اللَّهِ فأبقاه اللَّهُ بينَ أظْهُرِكم رحمةً مِن اللَّهِ ونعمةً، فيه حلالُه وحرامُه، وطاعتُه ومعصيتُه (٣).

وأما قولُه: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. فإنه يعنى: ومَن يَتَعلَّق بأسباب الله، ويَتَمَسَّك بدينِه وطاعتِه، ﴿فَقَدْ هُدِيَ﴾. يقولُ: فقد وُفِّق الطريقٍ واضحٍ، ومحجةٍ مستقيمةٍ غيرِ مُعوَجَّةٍ، فَيَسْتَقِيمُ به إلى رضا اللَّهِ، وإلى النجاةِ من عذابِ اللَّهِ، والفوزِ بجنتِه.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ قولَه: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ﴾. قال: يؤمن باللَّهِ (٤).


(١) في ص: "وحد عدوكم"، وفى ت ١: "وجد عدوكم".
(٢) في ص، ت ١: "الأيام".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٢٠ (٣٨٩٩) من طريق شيبان، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٥٨ إلى عبد بن حميد.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٢٠ (٣٩٠١) من طريق ابن ثور، عن ابن جريج، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٥٨ إلى ابن المنذر.