للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصلُ العَصْم المنعُ. فكلُّ مانِعٍ شيئًا فهو عاصِمُه، والمُمْتَنِعُ به مُعْتَصِمٌ به. ومنه قولُ الفَرَزْدَقِ (١):

أنا ابن العاصِمِينَ بنى تَمِيمٍ … إذا ما أَعْظَمُ الحَدَثانِ نَابَا

ولذلك قيل للحبلِ: عِصامٌ. وللسببِ الذي يَتَسَبَّبُ به الرجلُ إلى حاجتِه: عِصامٌ. ومنه قولُ الأعشى (٢):

إلى المَرْءِ قَيْسٍ أُطِيلُ السُّرَى (٣) … وأخُذُ من كلِّ حَيٍّ عُصُمْ

يعنى بالعُصْمِ الأسبابَ؛ أسبابَ الذِّمةِ والأمانِ. يقالُ منه: اعْتَصَمْتُ بحَبْلٍ مِن فلانٍ، واعتصمتُ حبلًا من منه، واعتصمتُ به، واعتصمتُه. وأفصحُ اللغتين إدخالُ الباءِ، كما قال ﷿: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾. وقد جاء: اعتصمته. كما قال الشاعر: (٤)

إذا أنتَ جازَيْتَ الإخاءَ بمثلِهِ … وآسَيْتَنى ثُمَّ اعتصمتَ حِبالِيَا

فقال: اعتصمتَ حِباليَا. ولم يُدخِل الباءَ. وذلك نظيرُ قولِهم: تناولتُ الخِطامَ، وتناولتُ بالخطامِ، وتعلَّقتُ به، وتعلَّقتُه. كما قال الشاعرُ (٥):

تَعَلَّمْتَ هندًا ناشئًا (٦) ذاتَ مِئْزَرٍ … وأنت وقد قارَفْتَ (٧) لم تَدْرِ ما الحِلْمُ


(١) ديوانه ص ١١٥.
(٢) ديوانه ص ٣٧.
(٣) السُّرَى: سيرُ الليل عامته، وقيل: سير الليل كله. يُذكَّر ويُؤنَّث. اللسان (س ر ى).
(٤) معاني القرآن للفراء ١/ ٢٢٨.
(٥) معاني القرآن للفراء ١/ ٢٢٨.
(٦) الناشئ: فويق المحتلم، وقيل: هو الغلام والجارية وقد جاوزا حد الصغر، وكذلك الأنثى ناشئ. التاج (ن ش أ).
(٧) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فارقت". وقارفت: قاربْتَ. التاج (ق ر ف).