للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: أراد: أَقْبَلَتْ بحَبْلَيها (١). وبقولِ الآخرِ (٢):

حَنَتْنى حانِياتُ الدهرِ حتى … كأنِّى خايِلٌ (٣) أدنو (٤) لصيدِ

[قريبُ الخطوِ يَحْسَبُ من رآني … -ولستُ مُقَيَّدًا- أنى بقَيْدِ] (٥)

[يريدُ: مقيدًا بقيدٍ] (٦).

فأوجَب إعمالَ فعلٍ محذوفٍ وإظهارَ صلتِه (٧) وهو متروكٌ.

وذلك فى مذاهبِ العربيةِ ضعيفٌ، ومِن كلامِ العربِ بعيدٌ. وأما ما اسْتَشْهدَ به لقولِه مِن الأبياتِ، فغيرُ دالٍّ على صحةِ دعواه؛ لأن فى قولِ الشاعرِ: رَأَتْنِي بحَبْلَيها. دلالةً بينةٌ فى أنها رأَتْه بالحبلِ مُمْسِكًا. ففى إخبارِه عنها أنها رَأَتُه بحَبْلَيها، إخبارٌ منه أنها رَأَتْه مُمْسِكًا بالحَبْلَين، فكان فيما ظهَر مِن الكلامِ مُسْتَغْنًى عن ذكرِ الإمساكِ، وكانت الباءُ صلةً (٨) لقولِه: رَأَتني. كما (٩) قولُ القائلِ: أنا باللَّهِ. مكتفٍ بنفسِه ومعرفةِ السامعِ معناه، أن تكونَ الباءُ محتاجةً إلى كلامٍ يكونُ لها جالبًا غيرَ الذى ظهَر، وأن (١٠) المعنى: أنا بالله مستعينٌ.

وقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: قولُه: ﴿إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ﴾. استثناءٌ


(١) فى ص، س: "بحبلها".
(٢) هو أبو الطمحان القينى حنظلة بن الشرقى، كما فى المعمرين ص ٧٢، والمعاني الكبير ٣/ ١٢١٤، وقال أبو الفرج فى الأغانى ٢/ ٣٥٧: يقال: إنه لعدى بن زيد.
(٣) المخاتلة: مشى الصياد قليلا قليلا فى خفية لئلا يسمع الصيد حسه. اللسان (خ ت ل) والبيت فيه.
(٤) فى النسخ: "أحنو". والمثبت من معانى القرآن للفراء ١/ ٢٣٠، فهذه مقالته، وفى مصادر التخريج الأخرى: "يدنو".
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) سقط من النسخ، والمثبت من معانى القرآن.
(٧) الصلة هنا: الجار والمجرور.
(٨) فى م: "وصلة".
(٩) بعده فى م: "فى".
(١٠) بعده فى الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كان".