للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقولُه (١): ﴿أُمَّةٌ قَائِمَةٌ﴾. مرفوعةٌ بقولِه: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.

وقد توهَّم جماعةٌ مِن نحويِّى الكوفةِ والبصرةِ والمتقدَّمين منهم في صناعتِهم (٢)، أن ما بعدَ ﴿سَوَاءً﴾ فى هذا الموضعِ مِن قولِه: ﴿أُمَّةٌ قَائِمَةٌ﴾. ترجمةٌ عن ﴿سَوَاءً﴾ وتفسيرٌ عنه، بمعنى: لا يستوى مِن أهلِ الكتابِ أمةٌ قائمةٌ يَتْلون آياتِ اللَّهِ آناءَ الليلِ، وأخرى كافرةٌ. وزعَموا أن ذكرَ الفرقةِ الأخرى تُرِك اكتفاءً بذكرِ إحدى الفِرقَتين، وهى الأمةُ القائمةُ، ومثَّلوه بقولِ أبي ذُؤيبٍ (٣):

عصَيتُ إليها القلبَ إنِّي لأمرِها … سميعٌ فما أدْرى أرُشْدٌ طِلابُها

ولم يَقُلْ: أم غيرِ رشدٍ. اكتفاءً بقولِه: أرُشْدٌ. مِن ذِكرِ: أم غيرُ رشدٍ. وبقولِ الآخرِ (٤):

أرَاك (٥) فلا أُدْرِى أَهَمِّ هَمَمْتُه … وذو الهَمِّ قِدْمًا خاشعٌ متضائلُ

وهو مع ذلك خطأٌ عندَهم قولُ القائلِ المريدِ أن يَقُول: سواءٌ أَقُمْتَ أَم وَقعَدْتَ: سواءٌ أَقُمْتَ. حتى يَقُول: أم قعَدت. وإنما يُجيزون حذفَ الثاني فيما كان مِن الكلامِ مكتفيًا بواحدٍ، دونَ ما كان ناقصًا عن ذلك، وذلك نحوُ: ما أُبالى. أو: ما أدرى. فأجازوا في ذلك: ما أبالي أقُمْتَ. وهم يريدون: ما أُبالي أقمْتَ أم قعَدت. لاكتفاءِ: ما أبالى. بواحدٍ، وكذلك فى (٦): ما (٧) أدرى. وأبَوا الإجازةَ في


(١) فى م، ت ٢، ت ٣، س: "قوله".
(٢) ينظر معانى القرآن للفراء ١/ ٢٣٠، ٢٣١.
(٣) تقدم تخريج البيت في ١/ ٣٤٤.
(٤) معانى القرآن للفراء ١/ ٢٣١.
(٥) فى م: "أزال".
(٦) بعده في ت ٢: "ما أبالي أو".
(٧) بعده في الأصل: "لا".