للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عداوةٌ على الدِّين، والعداوةُ على الدينِ العداوةُ التى لا زَوالَ لها إلا بانتقالِ أحدِ المُتعادِيَين إلى مِلَّةِ الآخرِ منهما، وذلك انتقالٌ مِن هدًى إلى ضلالةِ، كانت عندَ المُنْتقِل إليها ضَلالةً قبل ذلك، فكان في إبدائِهم ذلك للمؤمنين ومُقامهم عليه، أبْيَنُ الدلالةِ لأهلِ الإيمانِ على ماهم عليه لهم (١) مِن البَغْضاءِ والعَداوةِ.

وقد قال بعضُهم: معنى قولِه: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾: قد بَدَت بغضاؤُهم لأهلِ الإيمانِ إلى أوليائِهم مِن المنافِقين وأهلِ الكفرِ، بإطلاعِ بعضِهم بعضًا على ذلك

وزعَم قائِلو هذه المقالةِ أن الذين عُنُوا بهذه الآيةِ أهلُ النفاقِ، دونَ مَن كان مُصَرِّحًا بالكفر مِن اليهودِ وأهلِ الشِّرْكِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾. يقولُ: قد بَدَت البغضاء مِن أفواه المنافِقين إلى إخوانِهم من الكفارِ، مِن غِشِّهم للإسلامِ وأهلِه، وبُغْضِهم إياهم (٢).

حُدِّثت عن عَمَّارٍ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾. يقولُ: مِن أفواهِ المنافِقين (٣).

وهذا القولُ الذي ذكرناه عن قتادةَ قولٌ لا معنى له، وذلك أن اللهَ تعالى ذكرُه إنما نهَى المؤمنين أن يَتَّخِذوا بِطانةً ممن قد عَرَفوه بالغِشِّ للإسلامِ وأهلِه والبَغْضاءِ؛ إما


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٤٤ (٤٠٤٢) من طريق شيبان، عن قتادةَ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٦ إلى عبد بن حميد.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٤٤ عقب الأثر (٤٠٤٢) من طريق ابن أبي جعفر به.