للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجُ، عن ابنِ جُرَيجٍ قولَه: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾. قال: إذا رَأَوا من المؤمنين جماعةً وأُلْفةً ساءَهم ذلك، وإذا رَأَوا منهم فُرْقةً واختلافًا فَرِحوا (١).

وأما قولُه: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾. فإنه يعنى بذلك جلّ ثناؤه: وإن تَصْبِروا أيُّها المؤمنون على طاعةِ اللهِ واتِّباع أمرِه فيما أمَركم به، واجتنابِ ما نَهاكم عنه، من اتخاذِ بطانةٍ لأنفسِكم من هؤلاء اليهودِ الذين وَصَف اللهُ جلَّ ثناؤه صفتَهم من دونِ المؤمنين، وغيرِ ذلك من سائرِ ما نَهاكم، وتَتَّقوا ربَّكم، فَتَخافوا التَّقدُّمَ بينَ يَديه فيما ألزَمكم وأوجَب عليكم من حقِّه وحَقِّ رسولِه ﴿لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾. أى: كَيْدُ هؤلاء الذين وَصَف صفتَهم.

ويعني بـ ﴿كَيْدُهُمْ﴾ غوائلَهم التي [يَبْتَغونها للمسلمين] (٢)، ومَكْرَهم بهم؛ لِيَصُدُّوهم عن الهُدى وسبيلِ الحقِّ.

واختَلفت القرأةُ فى قراءةِ قوله: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ﴾؛ فقَرَأ ذلك جماعةٌ من أهلِ الحجازِ وبعضُ البَصْريين: (لَا يَضِرْكُمْ). مخففةً بكَسْرِ الضادِ (٣)، من قولِ القائلِ: ضَارَنى فلانٌ، فهو يَضِيرُنى ضَيْرًا. وقد حُكِى سَماعًا من العربِ: ما يَنْفَعُنى ذاك (٤) ولا يَضُورُني. فلو كانت قُرِئت على هذه اللغةِ لقيل: لَا يَضُرْكُمْ كيدُهم شَيْئًا. ولكني لا أعلمُ أحدًا قرَأ به.


(١) ينظر البحر المحيط ٣/ ٤٣.
(٢) في ص: "تنعوبها المسلمين".
(٣) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو. السبعة لابن مجاهد ص ٢١٥.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.