للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال لنا قائلٌ: فكيف يكونُ ذلك يومَ أحدٍ ورسولُ اللهِ إنما راحَ إلى أُحُدٍ من أهلِه للقتال يومَ الجمعةِ، بعد ما صَلَّى الجمعةَ في أهلِه بالمدينةِ بالناسِ، كالذي حَدَّثكم ابنُ حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ، عن محمد بنِ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ ابنُ مسلمِ بن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بن شهابٍ الزُّهريُّ، ومحمدُ بنُ يحيى بنِ حَبَّانَ، وعاصمُ بنُ عمرَ بنِ قتادةَ، والحصينُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عمرِو بنِ سعدِ بنِ معاذٍ، وغيرُهم من علمائِنا، أن رسولَ اللهِ راحَ حينَ صَلَّى الجمعةَ إلى أُحُدٍ، دخَل فلَبِس لأْمتَه (١)، وذلك يومَ الجمعةِ حينَ فرَغ من الصلاةِ، وقد مات في ذلك اليومِ رجلٌ من الأنصارِ، فصَلَّى عليه رسولُ اللهِ ، ثم خرَج عليهم وقال: "ما يَنْبَغى للنبيِّ إذا لبِس لأْمَتَه أن يَضَعَها حتى يُقاتِلَ" (٢).

قيل: إن النبيَّ وإن كان خروجُه لقتالِ القومِ كان رواحًا (٣)، فلم يكنْ تَبْوِئتُه المؤمنين مقاعدَهم للقتالِ عندَ خُروجِه، بل كان ذلك قبلَ خُروجِه لقتالِ عَدوِّه، وذلك أن المشركين نزَلوا مَنْزلَهم من أُحُدٍ -فيما بلَغنا- يومَ الأربعاءِ، فأقاموا به ذلك اليومَ ويومَ الخميسِ ويومَ الجمعةِ، حتى راحَ رسولُ اللهِ إليهم في يومِ الجمعةِ، بعدَ ما صَلَّى بأصحابِه الجمعةَ، فأصبَح بالشِّعْبِ من أُحُدٍ يومَ السبتِ للنصفِ من شوالٍ.

حدَّثنا بذلك ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ ابنُ مسلمٍ الزهريُّ، ومحمدُ بنُ يحيى بنِ حَبَّانَ، وعاصمُ بنُ عمرَ بنِ قتادةَ، والحصينُ بنُ عبدِ الرحمنِ وغيرُهم.


(١) اللأمة مهموزة: الدرع. وقيل: السلاح. ولأمة الحرب: أداته. النهاية ٤/ ٢٢٠.
(٢) جزء من أثر طويل في سيرة ابن هشام ٢/ ٦٠ - ٦٤، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٤٩٩ - ٥٠٣، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٢٢٤ - ٢٢٧، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) الرواح: نقيض الصباح. وقيل: العشى أو من الزوال إلى الليل. التاج (ر و ح).