للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: إن اللهَ ﷿ إنما وَعَدهم يومَ بدرٍ أن يُمدَّهم إن صَبَروا عندَ طاعتِه، وجهادِ أعدائِه، واتَّقوه باجتنابِ محارمِه، أن يُمِدَّهم في حروبِهم كلِّها، فلم يَصْبِروا، ولم يَتَّقُوا إلّا فى يوم الأحزابِ، فأَمَدَّهم حينَ حاصَروا قُرَيظةَ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عُمارةَ الأسْدِيُّ، قال: ثنا عبيدُ (١) اللهِ بنُ موسى، قال: أخبَرنا سليمانُ بنُ زيدٍ أبو إدامٍ (٢) المُحاربىُّ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي أوفى، قال: كُنَّا مُحاصِرى قُرَيظة والنضيرِ ما شاء اللهُ أن تُحاصِرَهم، فلم يُفْتَحْ علينا، فرَجَعنا، [فدعا رسولُ اللهِ من بغُسْلٍ، فهو] (٣) يَغْسِلُ رأسَه، إذ جاءه جبريلُ فقال: يا محمدُ، وَضَعْتم أسلحتَكم ولم تَضَعِ الملائكةُ أوزارَها! فَدَعا رسولُ اللَّهِ بخِرْقَةٍ، فَلَفَّ بها رأسَه ولم يَغْسِلْه، ثم نادَى فينا، فقُمْنا [كالِّين مُعْيين] (٤) لا نَعْبَأُ بالسيرِ شيئًا، حتى أتَينا قُرَيظةَ والنضيرَ، فيومَئذٍ أمدَّنا اللهُ ﷿ بثلاثةِ آلافٍ من الملائكةِ، وفتَح اللهُ لنا فَتْحًا يسيرًا، فانْقَلَبْنا بنعمةٍ مِن اللهِ وفضلٍ (٥).

وقال آخرون بنحوِ هذا المعنى، غيرَ أنهم قالوا: لم يَصْبِرِ القومُ، ولم يتَّقوا، ولم يُمَدُّوا بشيءٍ في أُحُدٍ.


(١) في ص، م: "عبد".
(٢) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "آدم". وينظر تهذيب الكمال ١١/ ٤٣١.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فدعا رسول الله فهو"، وفى م: "فبينا رسول الله في بيته". والغُسْل والغَسُّول: الماء يغتسل به. وينظر اللسان (غ س ل).
(٤) في م: "كالزمعين".
(٥) ذكره البغوى في تفسيره ٢/ ١٠٠، وعزاه السيوطى فى الخصائص الكبرى ١/ ٢٣٣ إلى المصنف.