للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني جلّ ثناؤه بقولِه: الَّذِينَ ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾: أُعِدَّت الجنةُ التي عرضُها السمواتُ والأرضُ للمتقين، وهم المُنْفقون أموالَهم في سبيلِ اللَّهِ، إما في صَرْفِه على مُحْتاجٍ، وإما في تقوية مُضْعِفٍ (١)، على النهوضِ لجهادِ عدوٍ في سبيلِ اللهِ.

وأما قولُه: ﴿فِي السَّرَّاءِ﴾. فإنه يعنى: في حالِ السرورِ بكثرةِ المالِ، ورخاءِ العيش.

والسَّرَّاءُ، مصدرٌ، من قولهم: سَرَّنى هذا الأمرُ مَسَرَّةً وسُرورًا.

والضَّرَّاءُ مصدرٌ، من قولهم: قد ضُرَّ فلانٌ فهو يُضَرُّ. إذا أصابه الضُّرُّ، وذلك إذا أصابَه الضِّيقُ والجَهْدُ في عَيْشِه.

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنَ عباسٍ قولَه: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾. يقولُ: في العسرِ واليسرِ (٢).

فأخبر جلّ ثناؤه أن الجنةَ التي وَصَف صفتها لَمَن اتَّقاه، وأنفَق مالَه في حالِ الرخاءِ (٣) والسَّعَةِ، وفى حالِ الضِّيقِ والشدةِ، في سبيلِه.

وقولُه: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾. يعنى: والجارِعين الغيظَ عندَ امتلاءِ نفوسِهم، منه، يقال منه: كَظَم فلانٌ غَيْظَه. إِذا تَجَرَّعَه، فحَفِظ نفسَه من أن تُمضِيَ ما هي قادرةٌ على إمضائِه، باستِشْفائها (٤) ممن غاظَها، وانتصارِها ممن ظَلَمها.


(١) أضعف فلان: ضعفت دابته، يقال: هو ضعيف مضعف. فالضعيف في بدنه، والمضعف في دابته التاج (ض ع ف).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٦٢ (٤١٦٢) عن محمد بن سعد به، وليس فيه: "واليسر".
(٣) في ص، ت ١، س: "الرضا".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "باستمكانها".