للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصلُ ذلك، من كَظْمِ القِرْبةِ، يقالُ منه: كَظَمْتُ القِرْبةَ (١). إذا ملأتَها ماءً، وفلانٌ كَظِيمٌ ومَكْظومٌ. إذا كان مُمْتَلِئًا غَمًّا وحُزْنًا، ومنه قولُ اللهِ ﷿: ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [يوسف: ٨٤]. يعني: فهو (٢) مُمتلئٌ من الحُزْنِ. ومنه قيل لمجارى الماءِ (٣): الكَظائمُ. لامتلائِها بالماءِ، ومنه قيل: أخذتُ بكَظمه. يعني بمَجارِى نفسِه.

والغَيْظُ، مصدرٌ، من قولِ القائلِ: غاظني فلانٌ، فهو يَغِيظُنى غَيْظًا. وذلك إذا أحفَظه (٤) وأغضَبه.

وأما قولُه: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ فإنه يعنى: والصافِحين عن الناسِ عقوبةَ ذنوبِهم إليهم، وهم على الانتقامِ منهم قادِرون، فَتارِكيها (٥) لهم.

وأما قولُه: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. فإنه يعنى: فإن الله يُحِبُّ مَن عملِ بهذه الأمورِ، التي وَصَف أنه أعَدَّ للعاملين بها الجنةَ، التي عرضُها السمواتُ والأرضُ، والعامِلون بها هم المُحْسِنون، وإحسانُهم هو عملُهم بها.

كما حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ الآية إلى (٢): ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. أي: وذلك الإحسانُ، وأنا أحِبُّ مَن عمل به (٦)

حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿الَّذِينَ


(١) في ص: "القرية".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "المياه".
(٤) يقال: أحفظه فاحتفظ، يعنى أغضبه فغضب. اللسان (ح ف ظ).
(٥) في م: "فتاركوها".
(٦) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠٩.