للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾: قومٌ أنفقوا في العُسْرِ واليُسْرِ، والجَهْد والرخاءِ. فمَن استطاعَ أن يَغْلِبَ الشرَّ بالخيرِ فليفعَلْ، ولا قوةَ إلا باللهِ، فَنِعْمَتْ واللهِ يا بنَ آدمَ، الجَوْعَةُ تَجترعُها من صبرٍ، وأنت مَغِيظٌ، وأنت مظلومٌ (١).

حدَّثني موسى بنُ عبدِ الرحمنِ، قال: ثنا محمدُ بنُ بِشْرٍ، قال: ثنا مُحْرِزٌ أبو رجاءٍ، عن الحسنِ، قال: يقالُ يومَ القيامةِ: لِيَقمْ مَن كان له على اللهِ أجرٌ. فما يقومُ إلا إنسانٌ عَفا، ثم قرَأ هذه الآيةَ: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا داودُ بنُ قيسٍ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن رجلٍ من أهلِ الشامِ، يقالُ له: عبدُ الجليلِ. عن عَمٍّ له، عن أبى هريرةَ في قولِه جل وعز: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ (٢)﴾. أن النبيَّ قال: "مَن كَظَم غَيْظًا وهو يَقْدِرُ على إنفاذه، ملأه اللهُ أَمْنًا وإيمانًا" (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنَ عباسٍ قولَه جل وعز: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ إلى قولِه ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾: فـ ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ كقولِه: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٧]. يغضَبون في الأمرِ (٤) لو وَقَعوا به كان حرامًا، فيَغْفِرون ويَعْفُون، يَلْتمِسون بذلك وجهَ اللهِ. ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ كقولِه: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ﴾ قولِه إلى ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [النور:٢٢].


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٦٢، ٧٦٣ عقب الأثرين (٤١٦٣، ٤١٦٤) معلقا.
(٢) بعده في الأصل: "والعافين".
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٣٢.
(٤) في ص: "الأمن".