للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آذَنَتْ بأن الكلامَ غيرُ (١) مُتَّصِلٍ بما قبلَها، وأن بعدَها خبرًا مطلوبًا، اللامُ (٢) التي في قولِه: ﴿وَلِيَعْلَمَ﴾. به متعلِّقةٌ.

فإن قال قائلٌ: وكيف قِيلَ: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾. [و ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾] (٣) مَعرِفةٌ، وأنت لا تستجيزُ (٤) في الكلامِ: "قد سَأَلتُ فعَلِمتُ عبدَ اللهِ"، وأنت تريدُ: عَلِمتُ شَخْصَه، إلا أن تُرِيدَ: عَلمِتُ صِفَتَه وما هو.

قيل: إن ذلك إنما جاز مع "الذين"؛ لأن في "الذين" تأويلَ "مَن" و"أي"، وكذلك جائزٌ مِثْلُه في "الألفِ واللامِ"، كما قال تعالى ذِكُرُه: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣]؛ لأن في "الألفِ واللامِ" مِن تأويلِ "أي"، و "مَن" مثلَ الذي في "الذي". ولو جُعِلَ مع الاسمِ المعرفةِ اسمٌ فيه دلالةٌ على "أي"، جاز كما يُقالُ: سَأَلْتُ لأعلمَ عبدَ اللهِ مِن عمرٍو. ويُرادُ بذلك: لأعرِفَ هذا من هذا (٥).

فتأويلُ الكلامِ: وليَعلمَ اللهُ الذين آمنوا منكم، أيها القومُ، مِن الذين نافَقوا منكم، نُداوِلُ بينَ الناسِ. فاسْتَغْنى بقولِه: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ من (٦) ذكرِ قولِه: "مِنَ الَّذينَ نافَقُوا"؛ لدلالِة الكلامِ عليه؛ إذ كان في قولِه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ تأويلُ "أي" على ما وَصَفْنا. فكأنه قيل: وليَعلمَ اللهُ أيُّكم المؤمنُ، كما قال جل ثناؤُه: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى﴾ [الكهف: ١٢]. غيرَ أن "الألفَ واللامَ" و"الذي" و "مَن"، إذا وُضِعَتْ مع العَلَمِ مَوْضِعَ (٧) "أي" نُصِبَت بوقوعِ العلمِ


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في م: "للام".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) في الأصل: "تستحسن"
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٢٣٤، ٢٣٥.
(٦) في م: "عن".
(٧) في ص، ت ١ س: "مواضع".