للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، كما قيل: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ٣]. فأما "أي" فإنها تُرفعُ (١).

وأما قولُه: ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾. فإنه يعنى: وليعلمَ اللهُ الذين آمنوا، وليَتَّخِذَ منكم شُهداءَ، أي: ليُكْرِمَ منكم بالشهادةِ مَن أراد أن يُكْرِمَه بها. و"الشهداءُ": جمعُ شَهيدٍ.

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: ليُميِّزَ بينَ المؤمنين والمنافقين، وليُكْرِمَ مَن أكرَم مِن أهلِ الإيمانِ بالشهادةِ (٢).

حدَّثني المُثنى، قال: ثنا سُويدُ بنُ نَصْرٍ، قال: أخبرَنا ابن المباركِ قِراءةً على ابن جُريجٍ، في قولِه: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾. قال: فإن المسلمين كانوا يسألون رَبَّهم: ربَّنا أرِنا يومًا كيومِ بدرٍ، تُقاتِلُ فيه المشركين، ونُبْلِيك (٣) فيه خيرًا، ونَلْتَمِسُ فيه الشهادةَ، فَلَقُوا المشركين يومَ أُحُدٍ، فاتَّخَذ منهم شهداءَ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾: فكرَّم اللهُ أولياءَه بالشهادةِ بأيدى عَدوِّهم، ثم تَصِيرُ حواصلُ الأمورِ وعواقبُها لأهلِ طاعةِ اللهِ (٤).


(١) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٢٣، ٢٣٥ ومغنى اللبيب بحاشية الأمير ١/ ٧٢، ٧٣.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧١ (١٥٢٠ - تحقيق د. حكمت بشير ياسين) من طريق سلمة به.
(٣) في س: "وننال".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧٣ - (١٥٢٣ تحقيق حكمت بشير ياسين) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٧٩ إلى عبد بن حميد.