للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه ابتدَأ (١) بها ليُعْلَمَ أن السورةَ التي قبلَها قد انْقَضَت، وأنه قد أخَذ في أخرى، فجعَل هذا علامةَ انقطاعِ ما بينَهما، وذلك في (٢) كلامِ العربِ، يُنْشِدُ الرجلُ منهم الشعرَ، فيقولُ (٣):

بل * وبَلدةٍ ما الإنسُ مِن آهالِها

ويقولُ (٤):

لا بَل * ما هاج أحزانًا وشَجْوًا قد شَجَا

و"بل" ليست مِن البيتِ ولا تُعَدُّ في وزنِه، ولكن يَقْطَعُ بها كلامًا ويَسْتَأْنِفُ الآخرَ.

قال أبو جعفرٍ: ولكلِّ قولٍ مِن الأقوالِ التي قالها الذين وصَفْنا قولَهم في ذلك وجهٌ معروفٌ.

فأما الذين قالوا: ﴿الم﴾ اسمٌ مِن أسماءِ القرآنِ، فلقولِهم ذلك وجهان:

أحدُهما: أن يَكونوا أرادوا أن ﴿الم﴾ اسمٌ للقرآنِ، كما الفُرقانُ اسمٌ له. وإذا كان معنى قائل ذلك كذلك، كان تأويلُ قولِه: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ على معنى القَسَمِ، كأنه قال: والقرآنِ، هذا الكتابُ لا ريبَ فيه.

والآخرُ منهما: أن يَكُونوا أرادوا أنه اسمٌ مِن أسماءِ السورةِ (٥) تُعْرَفُ به، كما


(١) في م: "افتتح".
(٢) سقط من: ر.
(٣) اللسان (أ هـ ل) غير منسوب.
(٤) الرجز للعجاج في ديوانه ص ٣٤٨.
(٥) بعده في م: "التي".