للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُعْرَفُ سائرُ الأشياءِ بأسمائِها التي هي لها أماراتٌ [تُعْرَفُ بها] (١)، فيَفْهَمُ السامعُ مِن القائلِ يقولُ: قرأْتُ اليومَ ﴿المص﴾ و ﴿ن﴾. أي السورةَ التي قرَأَها مِن سُورِ القرآنِ، كما يَفْهَمُ عنه إذا قال: لقيتُ اليومَ عَمْرًا وزيدًا. وهما بزيدٍ وعمرٍو عارفان - مَن الذي لقِي مِن الناسِ.

وإن أشْكَل معنى ذلك على امرئٍ، فقال: وكيف (٢) يَجوزُ أن يكونَ ذلك كذلك، ونَظائز ﴿الم﴾ ﴿الر﴾ في القرآنِ جماعةٌ مِن السورِ، وإنما تكونُ الأسماءُ أماراتٍ إذا كانت مُميِّزةً بينَ الأشخاصِ، فأما إذا كانت غيرَ مُميِّزةٍ فليست أماراتٍ؟

قيل: إن الأسماءَ وإن كانت قد صارت لاشتراكِ كثيرٍ مِن الناسِ في الواحدِ منها، غيرَ مميِّزَةٍ إلَّا بمَعانٍ أُخَرَ معها؛ مِن ضَمِّ نسبةِ المُسَمَّى بها إليها، أو نعتِه أو وصفِه بما يُفَرِّقُ بينَه وبينَ غيرِه مِن أشكالِها، فإنها وُضِعَت (٣) ابْتِداءً للتمييزِ لا شكَّ، ثم احْتِيج عندَ الاشتراكِ إلى المَعاني المُفَرِّقةِ بينَ المُسَمَّى بها، فكذلك ذلك في أسماءِ السورِ، جُعِل كلُّ اسمٍ - في قولِ قائلِ هذه المَقالةِ - أمارةً للمُسَمَّى به مِن السورِ، فلما شارَك المُسَمَّى به فيه غيرَه مِن سُورِ القرآنِ، احتاج المُخْبِرُ عن سورةٍ منها أن يَضُمَّ إلى اسمِها المُسَمَّى به مِن ذلك إلى (٤) ما يُفَرِّقُ به السامعُ (٥) بينَ الخبرِ عنها وعن غيرِها مِن نعتٍ وصفةٍ أو غيرِ ذلك، فيَقُولُ المُخْبِرُ عن نفسِه أنه تلا سورةَ البقرةِ، إذا سماها باسمِها الذي هو ﴿الم﴾: قرأتُ ﴿الم﴾ البقرة. وفي آلِ عِمْرانَ: قرأتُ


(١) في ص: "تعرفونها"، وفي ر: "يعرفن"، وفي ت ٢: "يعرفونها".
(٢) بعده في م: "و".
(٣) في ص: "وصفت".
(٤) سقط من: م.
(٥) في م، ت ٢: "للسامع".