للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿الم﴾ آل عمران. أو (١) ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾. و ﴿الم (١) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾. كما لو أراد الخبرَ عن رجلين، اسمُ كلِّ واحدٍ منهما عمرٌو، غيرَ أن أحدَهما تَميميٌّ والآخرَ أزْديٌّ، لَلزِمه أن يقولَ لمن أراد إخبارَه عنهما: لقِيتُ عمرًا التميميَّ وعمرًا الأزديَّ. إذا (٢) كان لا يفرِّق (٣) بينَهما وبينَ غيرِهما ممَّن يُشارِكُهما في أسمائِهما إلا نسبتُهما (٤) كذلك، فكذلك ذلك في قولِ مَن تأوَّل في الحروفِ المُقَطَّعةِ أنها أسماءٌ للسورِ.

أما الذين قالوا: ذلك فَواتِحُ يَفْتَتِحُ اللَّهُ ﷿ بها كلامَه. فإنهم وجَّهوا ذلك إلى نحوِ المعنى الذي حكَيْنا عمَّن حكَيْنا ذلك عنه مِن أهلِ العربيةِ أنه قال: ذلك أدِلَّةٌ على انْقِضاءِ سورةٍ وابتداءٍ في أخرى، وعلامةٌ لانقطاعِ ما بينَهما. كما جُعِلَت "بل" في ابتداءِ قصيدةٍ دلالةً على ابتداءٍ فيها وانقضاءِ أخرى قبلَها، كما ذكَرْنا عن العربِ إذا أرادوا الابتداءَ في إنشادِ قصيدةٍ قالوا:

بل * ما هاج أحْزانًا وشجْوًا قد شَجَا

و"بل" ليست مِن البيتِ ولا داخلةً في وزنِه، ولكن ليَدُلَّ به على قطعِ كلامٍ وابتداءِ آخرَ.

وأما الذين قالوا: ذلك حروفٌ مُقَطَّعةٌ، بعضُها مِن أسماءِ اللَّهِ ﷿، وبعضُها مِن صفاتِه، ولكلِّ حرفٍ مِن ذلك معنًى غيرُ معنى الحرفِ الآخرِ. فإنهم


(١) في ر، م: "و".
(٢) في م، ت ٢: "إذ".
(٣) في م، ت ٢: "فرق".
(٤) في ر، م: "بنسبتهما"، وفي ت ٢: "بتسميتهما".