للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخيلِ، ومعه يومَئذٍ المِقْدادُ بنُ الأسودِ الكِنْديُّ، وأعْطَى رسولُ اللهِ اللواءَ رجلًا مِن قريشٍ، يقالُ له: مُصعبُ بنُ عميرٍ. وخرَج حمزةُ بنُ عبدِ المطلبِ بالحُسَّرِ (١)، وبعَث حمزةَ بينَ يديه، وأقْبَل خالدُ بنُ الوليدِ على خيلِ المشركين ومعه عكرمةُ بنُ أبى جهلٍ، فبعَث رسولُ اللهِ الزبيرَ، وقال: "اسْتَقْبِل خالدَ بنَ الوليدِ، فكُنْ بإزائِه حتى أُوذِنَك". وأمَر بخَيْلٍ أخرى، فكانوا مِن جانبٍ آخرَ، فقال: "لا تَبْرحوا حتى أُوذِنَكم". وأقْبَل أبو سفيانَ يَحْمِلُ اللَّاتَ والعُزَّى، فأَرْسَل النبيُّ إلى الزبيرِ أن يَحْمِلَ، فحمَل على خالدِ بن الوليدِ، فهزَمه اللهُ ومَن معه، فقال جلَّ وعزَّ: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾. وإن الله وعَد المؤمنين أن يَنْصُرَهم، وأنه معهم (٢).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ مسلمِ بن عبيدِ اللهِ الزهريُّ، و (٣) محمدُ بنُ يحيى بن حَبَّانَ، وعاصمُ بنُ عمرَ بن قتادةَ، والحصينُ بنُ عبدِ الرحمنِ بن عمرِو بن سعدِ بن معاذٍ، وغيرُهم من عُلمائنا - في قصةِ ذكَرها عن أُحدٍ - ذكَر أن كلَّهم قد حدَّث ببعضِها، وأن حديثَهم اجْتَمَع فيما ساق مِن الحديثِ، فكان فيما ذكَر في ذلك أن رسولَ اللهِ نزَلَ الشِّعْبَ مِن أُحدٍ في عُدْوةِ الوادى إلى الجبلِ، فجعَل ظهرَه وعسكرَه إلى أحدٍ، وقال: "لا يقاتلَنَّ أحدٌ حتى نَأْمُرَه بالقتالِ". وقد سرَّحَت قريشٌ الظَّهْرِ (٤) والكُراعَ (٥) في زروعٍ كانت


(١) الحُسَّرُ: جمع حاسر، وهو الذي لا درع عليه ولا مِغْفر. النهاية ١/ ٣٨٣.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٠٨، ٥٠٩، وأخرج آخره ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٩٩ (١٦٢٥ - تحقيق حكمت بشير ياسين).
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أن".
(٤) الظهر: الإبل التي يحمل عليها ويركب. اللسان (ظ هـ ر).
(٥) الكراع: الخيل. اللسان (ك ر ع).