للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالصَّمْغةِ (١) مِن قَناةٍ (٢) للمسلمين، فقال رجلٌ مِن الأنصارِ حينَ نهَى رسولُ اللهِ عن القتالِ: أَتُرْعَى زروعُ بنى قَيْلةَ (٣)، ولمَّا نُضَارِبْ. وتَعبَّأ (٤) رسولُ اللهِ للقتالِ وهو في سبعِمائةِ رجلٍ، وتعبَّأت (٥) قريشٌ وهم ثلاثةُ آلافٍ، ومعهم مائتا فرسٍ قد جَنَبوها (٦)، فجعَلوا على مَيْمَنةِ الخيلِ خالدَ بنَ الوليدِ، وعلى مَيْسَرتِها عكرمةَ بن أبي جهلٍ، وأمَّر رسولُ اللهِ على الرُّماةِ عبدَ اللهِ بن جُبيرٍ أخا بنى عمرِو بن عوفٍ، وهو يومئذٍ مُعلَّمٌ بثيابٍ بيضٍ، والرُّماةُ خمسون رجلًا، وقال: "انْضَحُ (٧) عنا الخيلَ بالنَّبْل، لا يَأْتُونا مِن خلفِنا، إن كانت لنا أو علينا فاثْبُتْ مكانَك، لا نُؤْتَيَنَّ مِن قِبَلِكَ". فلما التَقَى الناسُ، ودنا بعضُهم من بعضٍ، واقْتَتَلوا حتى حمِيَت الحربُ، وقاتَل أبو دُجانةَ حتى أمْعَن في الناسِ، وحمزةُ بنُ عبدِ المطلبِ وعليُّ بن أبي طالبٍ في رجالٍ مِن المسلمين، فأنْزَل اللهُ نصرَه، وصدَقَهم وعدَه، فحسُّوهم بالسيوفِ حتى كشَفوهم، وكانت الهزيمةُ لا شكَّ فيها (٨).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن يحيى بن عبَّادِ بن عبدِ اللهِ بن الزبيرِ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: قال الزبيرُ: واللَّهِ لقد رأيتُنى أَنْظُرُ إِلى خَدَمِ (٩)


(١) الصمغة: أرض قرب أحد من المدينة. معجم البلدان ٣/ ٤١٨.
(٢) القناة: واد يأتى من الطائف وينتهى إلى أصل قبور الشهداء بأحد. ينظر معجم البلدان ٤/ ١٨٢.
(٣) بنو قيلة: هم الأوس والخزرج أمهما قيلة بنت الأرقم بن عمرو. جمهرة أنساب العرب ص ٣٣٢.
(٤) في م: "صفنا".
(٥) في م: "تصاف".
(٦) جنبوها: قادوها إلى جنبهم. ينظر اللسان (ج ن ب).
(٧) انضح: ادفع.
(٨) سيرة ابن إسحاق ص ٣٠١ عن الزهرى به، وهو في السيرة لابن هشام، ٢/ ٦٥، ٦٦ كلاهما بأتم من ذلك.
(٩) الخدم: جمع خَدَمةٍ، وهى الخلخال، وقد تسمى الساق خدمة حملا على الخلخال لكونها موضعه. اللسان (خ د م).