للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن (١) في أصحابِه مَن يَمْتَنِعُ. فلمَّا اجْتَمَعوا وفيهم رسولُ اللهِ (٢) ذَهَب عنهم الحَزَنُ، فأقْبَلوا يَذْكُرون الفتحَ وما فاتهم منه، ويَذْكُرون أصحابَهم الذين قُتِلوا. فأقْبَل أبو سفيانَ حتى أشْرَف عليهم، فلمَّا نظَروا إليه، نَسُوا ذلك الذي كانوا عليه، وهمَّهم أبو سفيانَ، فقال رسولُ اللهِ : "ليس لهم أن يَعْلُونا، اللهم إن تُقْتَلْ هذه العِصابةُ لا تُعْبَدْ". ثم ندَب أصحابَه، فرمَوْهم بالحجارةِ حتى أنْزَلُوهم، فقال أبو سفيانَ يومَئذٍ: اعْلُ هُبَلُ، حَنْظلةُ بحَنْظلةَ، ويومٌ بيومِ بدرٍ. وقتَلوا يومَئذٍ حنظلةَ بنَ الراهبِ، وكان جُنُبًا فغسَّلَته الملائكةُ، وكان حَنْظلةُ بنُ أبي سفيانَ قُتِل يومَ بدرٍ. وقال أبو سفيانَ: لنا العُزَّى، ولا عُزَّى لكم. فقال رسولُ اللهِ لعمرَ: "قلِ: اللهُ مولانا ولا مَوْلى لكم". فقال أبو سفيانَ: أفيكم محمدٌ؟ قالوا: نعم. قال: أمَا إنها قد كانت فيكم مُثْلَةٌ، ما أمَرْتُ بها ولا نهَيْتُ عنها، ولا سرَّتْنى ولا ساءَتْني. فذكَر اللهُ إِسْرَافَ أبي سفيانَ عليهم، فقال: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾. الغمُّ الأولُ ما فاتهم من الغَنيمةِ والفتحِ، والغمُّ الثاني إشرافُ العدوِّ عليهم ﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ مِن الغنيمةِ ﴿وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾ من القتلِ حينَ تَذْكُرون. فشغَلهم أبو سفيانَ (٣).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: ثني ابن شهابٍ الزهريُّ، ومحمدُ بنُ يحيى بن حَبَّانَ، وعاصمُ بنُ عمرَ بن قَتادةَ، والحصينُ بنُ عبدِ الرحمنِ بن عمرِو بن سعدِ بن مُعاذٍ، وغيرُهم من علمائِنا فيما ذكَروا مِن حديثِ أُحُدٍ، قالوا: كان المسلمون في ذلك اليومِ - لِمَا أصابهم فيه مِن شدةِ البلاءِ - أثلاثًا؛ ثلثٌ قَتِيلٌ،


(١) سقط من: الأصل.
(٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حين".
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٢٠، ٥٢١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٧ إلى المصنف وابن أبي حاتم، وهو عند ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٩١ (٤٣٤٩) من طريق أحمد به مختصرا جدا.