للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثلثٌ جَريحٌ، وثلثٌ مُنْهَزِمٌ وقد تَلَغَّبَتْه (١) الحربُ حتى ما يَدْرِيَ مَا يَصْنَعُ، وحتى خلَص العدوُّ إلى رسولِ اللهِ فدُثَّ (٢) بالحجارةِ، حتى وقَع لشِقِّه، وأُصِيبَتْ رَبَاعِيتُه، وشُجَّ في وَجْنتِه (٣)، وكُلِمَت شَفَتُه (٤)، وكان الذي أصابه عُتْبةُ بنُ أبي وَقَّاصٍ. وقاتَل مُصْعَبُ بن عُميرٍ دونَ رسولِ اللهِ ومعه لِواؤُه حتى قُتِل، وكان الذي أصابه ابن قَمِيئَةَ الليثيُّ وهو يَظُنُّ أنه رسولُ اللهِ ، فرجَع إلى قريشٍ فقال: قد قتَلْتُ محمدًا (٥).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاق، قال: فكان أولَ مَن عرَف رسولَ اللهِ بعدَ الهزيمةِ وقولِ الناسِ: قُتل رسولُ اللهِ . كما (٦) حدَّثني ابن شهابٍ الزهريُّ - كعب بنُ مالكٍ أخو بني سلِمةَ، قال: عَرَفْتُ عَيْنَيْه تَزْهَران (٧) تحتَ المِغْفَرِ، فنادَيْتُ بأعْلَى صوتى: يا مَعْشرَ المسلمين، أبْشِروا، هذا رسولُ اللهِ . فأشار إليَّ رسولُ اللهِ : أن أنْصِتْ. فلمَّا عرَف المسلمون رسولَ اللهِ انهَضوا به، ونهَض نحوَ الشِّعْبِ معه عليُّ بنُ أبى طالبٍ وأبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ وعمرُ بنُ الخطابِ وطلحةُ بن عُبيدِ اللهِ والزبيرُ بنُ العوَّامِ والحارثُ بنُ الصِّمَّةِ (٨)، في رَهْطٍ مِن المسلمين، قال: فبينا رسولُ اللهِ في الشِّعْبِ، ومعه أولئك النفرُ مِن أصحابِه، إذ علَت عاليةٌ مِن قريشٍ الجبلَ، فقال رسولُ اللهِ : "اللهم إنه لا يَنْبَغِى لهم أن يَعْلُونا". فقاتَل عمرُ بن الخطابِ ورهْطٌ معه مِن المهاجرين حتى أهْبَطوهم عن


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بلغته".
(٢) الدث: الرجم. القاموس المحيط (د ث ث).
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وجهه".
(٤) في الأصل: "شفتيه".
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ٧٣، ٧٩، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥١٤ - ٥١٦.
(٦) بعده في النسخ: "حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال". والمثبت من تاريخ المصنف.
(٧) تزهران: تشرقان.
(٨) في م: "الصامت".