وعلى هذا التأويلِ يَجِبُ أن تكونَ الألفُ واللامُ والميمُ في أماكنِ الرفعِ مرفوعًا بعضُها ببعضٍ، دون قولِه: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، ويكونَ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾، خبرًا (١) مبتدأً مُنْقطِعًا عن مَعنى ﴿الم﴾ وكذلك ﴿ذَلِكَ﴾ في تأويلِ قولِ قائلِ هذا القولِ الثاني مرفوعٌ بعضُه ببعضٍ، وإن كان مخالفًا معناه معنى قولِ قائلِ القولِ الأولِ.
وأما الذين قالوا: هنَّ حروفٌ مِن حروفِ حسابِ الجُمَّلِ دون ما خالَف ذلك مِن المعاني. فإنهم قالوا: لا نعرِفُ للحروفِ المُقَطَّعةِ معنًى يُفْهَمُ سوى حسابِ الجُمَّلِ، وسوى تَهَجِّي قولِ القائلِ: ﴿الم﴾. قالوا: وغيرُ جائزٍ أن يُخاطِبَ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه عبادَه إلا بما يَفْهَمون ويَعقِلون عنه، فلما كان ذلك كذلك - وكان قولُه: ﴿الم﴾. لا يُعْقَلُ لها وجهٌ تُوَجَّهُ إليه إلا أحدُ الوجهين اللذيْن ذكَرْنا، فبَطَل أحدُ وجهيْه، وهو أن يكونَ مُرادًا به تهجِّي: ﴿الم﴾ - صحَّ وثبَت أنه مرادٌ به الوجهُ الثاني، وهو حسابُ الجُمَّلِ؛ لأن قولَ القائلِ: ﴿الم﴾. لا يَجوزُ أن يَلِيَه مِن الكلامِ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ لاستحالةِ معنى الكلامِ وخروجِه عن المعقولِ إذا أُولِي ﴿الم﴾ ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾.
واحْتَجُّوا لقولِهم ذلك أيضًا بما حدَّثنا به محمدُ بنُ حُميدٍ الرازيُّ، قال: حدَّثنا