للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأُحُدٍ، جعَل اللهُ أرواحَهم في أجوافِ طيرٍ خُضْرٍ، ترِدُ أنهارَ الجنةِ، وتأكُلُ من ثمارِها، وتأوِى إلى قناديلَ من ذهبٍ في ظلِّ العرشِ، فيطَّلِعُ اللهُ إليهم اطلاعةً فيقولُ: يا عبادى ما تشتهون فأزيدَكم؟ فيقولون: ربَّنا لا فوقَ ما أعطَيْتَنا، الجنة نأكُلُ منها حيث شئْنا. ثلاثَ مَرَّاتٍ، ثم يطَّلعُ فيقولُ: يا عبادى ما تشتهون فأزيدَكم؟ فيقولون: ربَّنا لا فوقَ ما أعطيتَنا، الجنة نأكُلُ منها حيثُ شئنا، إلا أنا نختارُ أن ترُدَّ أرواحَنا في أجسادِنا، ثم تردَّنا إلى الدنيا، فنقاتلَ فيك حتى نُقتَلَ فيك مرَّةً أخرى (١).

حدَّثنا [الحسنُ بنُ يحيى العَبْديُّ] (٢)، قال: ثنا وهبُ بنُ جريرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن الأعمشِ، عن أبي الضحى، عن مسروقٍ، قال: سألْنا عبدَ اللهِ عن هذه الآيةِ، ثم ذكَر نحوَه، وزاد فيه: فقال: إني قد قضيتُ ألا تَرْجِعوا.

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبى عديٍّ، عن شعبةَ، عن سليمانَ، عن عبدِ اللهِ بن مرَّةَ، عن مسروقٍ، قال: سألنا عبدَ اللهِ عن أرواحِ الشهداءِ، ولولا عبدُ اللهِ ما أَخْبَرنا به أحدٌ، قال: أرواحُ الشهداءِ عندَ اللهِ في أجوافِ طيرٍ خضرٍ، في قناديلَ تحتَ العرشِ، تسرَحُ في الجنةِ حيثُ شاءت، ثم ترجعُ إلى قناديلِها، فيطَّلعُ إليها ربُّها، فيقولُ: ماذا تريدون؟ فيقولون: نريدُ أن نرجِعُ إلى الدنيا، فنُقتَلَ مرَّةً


(١) ذكره الدارقطنى في العلل ٥/ ٢٥٦، وابن عبد البر في التمهيد ١١/ ٦٢، عن ابن إسحاق به.
ورواه غير واحد عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق بدلًا من أبي الضحى، وسيأتي. قال الدارقطني: الصواب عبد الله بن مرة.
وقال ابن عبد البر: وذكر أبي الضحى في هذا الإسناد عندى خطأ، وأظن الوهم فيه من ابن إسحاق. والله أعلم.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الحسن بن أبي يحيى المقدسى". وهو تحريف. وينظر تهذيب الكمال ٦/ ٣٣٤،٣٣٥.