للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهِدتُ مع رسولِ اللَّهِ أحدًا أنا وأخٌ لى، فرجَعنا جريحين، فلما أذِن رسولُ اللَّهِ بالخروجِ في طلبِ العدوِّ، قلتُ لأخى، أو قال لى: أتَفوتُنا غزوةٌ مع رسولِ اللَّهِ ؟ واللَّهِ ما لنا من دابَّةٍ نركبُها، وما منا إلا جريحٌ ثقيلٌ، فخرَجنا مع رسولِ اللَّهِ ، وكنتُ أيسرَ جُرْحًا منه، فكنتُ إذا غُلِب حمَلتُه عُقْبَةً (١)، ومشَى عُقْبةً، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون، فخرَج رسولُ اللَّهِ ، حتى انتهى إلى حَمراءِ الأسَدِ، وهى من المدينةِ على ثمانيةِ أميالٍ، فأقام بها ثلاثًا؛ الاثنينَ والثلاثاءَ والأربِعاءَ، ثم رجَع إلى المدينةِ (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: فقال اللَّهُ : ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾. أي الجراحُ، وهم الذين ساروا مع رسولِ اللَّهِ الغدَ من يومِ أُحدٍ إلى حَمراءِ الأسَدِ، على ما بهم من ألمِ الجرِاحِ، ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ الآية. وذلك يومَ أُحدٍ بعدَ القتلِ والجراحِ، وبعدَ ما انصرَف المشركون؛ أبو سفيانَ وأصحابُه، فقال رسولُ اللَّهِ لأصحابِه: "أَلا عصابةٌ تنتدبُ (٤) لأمرِ اللَّهِ تطلُبُ عدوَّها، فإنه أنكى للعدوِّ، وأبعدُ للسَّمْعِ". فانطلَق عصابةٌ منهم على ما يَعْلَمُ اللَّهُ تعالى من الجهدِ (٥).


(١) العقبة: الشوط. النهاية لابن الأثير ٣/ ٢٦٩.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠١. وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٣١٤، ٣١٥ من طريق ابن إسحاق به.
(٣) سيرة ابن هشام في السيرة ٢/ ١٢١.
(٤) في الأصل، ص، ت ١، س: "تشدد"، وفى م، ت ٢، ت ٣: "تشد"، والمثبت من أسباب النزول للواحدي، وما سيأتي من حديث ابن عباس.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨١٧ (٤٥١٣) من طريق يزيد بنحوه، والواحدى في أسباب النزول ص ٩٧ من طريق سعيد به.