للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: انطلَق أبو سفيانَ منصرِفًا من أُحدٍ، حتى بلَغ بعضَ الطريقِ، ثم إنهم ندِموا وقالوا: بئْسَما صنَعتُم (١)، إنكم قتَلْتُموهم، حتى إذا لم يبقَ منهم إلا الشَّريدُ ترَكتُموهم! ارجِعوا واستأصِلوهم. فقذَف اللَّهُ في قلوبِهم الرُّعبَ، فهُزِموا، فأَخْبَر اللَّهُ رسولَه، فطلَبهم حتى بلَغ حمراءِ الأسَدِ، ثم رجَعوا من حَمراءِ الأسَدِ، فأَنْزَلَ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه فيهم: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: إن اللَّهَ جلَّ وعزَّ قذَف في قلبِ أبي سفيانَ الرُّعبَ - يعني يومَ أُحدٍ - بعدَ ما كان منه ما كان، فرجَع إلى مكةَ، فقال النبيُّ : "إن أبا سفيانَ قد أصاب منكم طَرْفًا، وقد رجَع، وقذَف اللَّهُ في قلبِه الرعبَ". وكانت وقعةُ أحدٍ في شوَّالٍ، وكان التُّجارُ يَقدَمون المدينةَ في ذى القَعدةِ، فينزِلون ببدرٍ الصُّغْرَى في كلِّ سنةِ مرَّةً، وإنهم قدِموا بعدَ وقْعةِ أُحدٍ، وكان أصاب المؤمنين القَرْحُ، واشتكَوا ذلك إلى نبيِّ اللَّهِ ، واشتَدَّ عليهم الذي أصابَهم، وإن رسولَ اللَّهِ ندَب الناسَ لينطلِقوا معه، ويتَّبِعوا ما كانوا مُتَّبِعين، وقال (٣): "إنما يرتَحِلون الآنَ، فيأتُونَ الحجَّ ولا يقدِرون على مثلِها حتى عامٍ مُقبلٍ". فجاء الشيطانُ فخوَّف أولياءَه، فقال: إن الناسَ قد جمَعوا لكم. فأبى عليه الناسُ أن يتَّبِعوه، فقال: "إني ذاهبٌ، وإن لم يتَّبِعْني أَحدٌ لأُحضِّضَ الناسَ". فانْتَدَب معه أبو بكرٍ الصديقُ، وعمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ، والزبيرُ، وسعدٌ، وطلحةُ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ، وعبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ،


(١) في ص: "صنعنا".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٢ إلى المصنف بنحوه.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ذلك".