للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ [مريم: ٤٦]. أي حينًا طويلًا. ومنه قيل: عِشْتَ طويلًا، وتملَّيتَ حَبِيبًا (١). والملا نفسُه: الدهرُ، والملَوانِ: الليلُ والنهارُ. ومنه قولُ تميمِ بن مُقْبِل (٢):

ألا يا ديارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ (٣) … أملَّ عليها بالبِلَى المَلوَانِ

يعنى بالمَلَوينِ (٤): الليلَ والنهارَ.

وقد اخْتَلفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ﴾، فقرأ ذلك جماعةٌ منهم: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ﴾ بالياءِ، وبفتحِ الألفِ من قولِه: ﴿أَنَّمَا﴾، على المعنى الذي وصَفتُ من تأويلِه (٥). وقرأه آخرون: (ولَا تَحْسَبنَّ) بالتاءِ، و ﴿أَنَّمَا﴾، أيضا بفتحِ الألفِ من "أَنَّما"، بمعنى: ولا تَحْسَبَنَّ يا محمدُ أنت (٦) الذين كفَروا أنما نُمْلِى لهم خيرٌ لأنفسِهم (٧).

فإن قال قائلٌ: فما الذي من أجلِه فُتحِت الألفُ من قولِه: ﴿أَنَّمَا﴾. في قراءةِ من قرأ: (تَحْسَبَنَّ). بالتاءِ، وقد علِمتَ أن ذلك إذا قُرِئ بالتاءِ، فقد أَعْملتَ ﴿يَحْسَبَنَّ﴾ في ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وإذا أعملتَها في ذلك لم يجُزْ لها أن تقعَ على "أنما"؛ لأن "أنما" إنما يعمَلُ فيها عاملٌ يعمَلُ في شيئين نصبًا؟

قيل: أما الصوابُ في العربيةِ، ووجهُ الكلامِ المعروفُ من كلامِ العربِ كَسْرُ


(١) في الأصل، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "حينًا". وفى ص: "حنينا". والمثبت هو الصواب، وتمليت حبيبا: عشتَ معه ملاوة من ذهرك وتمتعت به. اللسان (م ل ي).
(٢) ديوانه ص ٣٣٥.
(٣) السبعان: موضع معروف في ديار قيس، وقيل: هو جبل قبل فلج. ينظر معجم البلدان ٣/ ٣٣.
(٤) في ص، م: "بالملوان".
(٥) هذه قراءة العشرة إلا حمزة. ينظر السبعة ص ٢١٩، والنشر ٢/ ١٨٤.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٧) هذه قراءة حمزة، ووافقه المطوعي. ينظر المصدران السابقان، وينظر إتحاف فضلاء البشر ص ١١٠.