للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إنَّ" إذا قُرِئت (تَحْسَبنَّ) بالتاءِ؛ لأن (تَحْسَبَنَّ) إذا قُرِئت بالتاءِ، فإنها قد نصَبت ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، فلا يجوزُ أن تعمَلَ، وقد نصَبتْ اسمًا، في "أن"، ولكنى أظُنُّ أن من قرَأ ذلك بالتاءِ في (تحسَبَنَّ)، وفتحِ الألفِ من ﴿أَنَّمَا﴾، إنما أراد تكريرَ (تحسبَنَّ) على ﴿أَنَّمَا﴾، كأنه قصَد إلى أن معنى الكلامِ: ولا تحسبَنَّ يا محمدُ أنت الذين كفَروا، لا تحسبَنَّ أنما نملى لهم خيرٌ لأنفسِهم، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ [محمد: ١٨] بتأويلِ: هل ينظُرون إلا الساعةَ، هل ينظُرون إلا أن تأتيَهم بغتةً؟ وذلك وإن كان وجهًا جائزًا في العربيةِ، فوجهُ كلامِ العربِ ما وصَفنا قبلُ.

والصوابُ من القراءةِ في ذلك عندَنا قراءةُ من قرأ: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. بالياءِ من ﴿يَحْسَبَنَّ﴾، وبفتحِ الألفِ من ﴿أَنَّمَا﴾، على معنى أنَّ (١) الحِسْبانَ للذين كفَروا دونَ غيرِهم، ثم يعمَلُ في ﴿أَنَّمَا﴾ نصبًا؛ لأن ﴿يَحْسَبَنَّ﴾ حينَئذٍ لم تشْغَلْ بشيءٍ عُمِلت فيه، وهى تطلُب منصوبين. وإنما اخْتَرنا ذلك لإجماعِ القرأةِ على فتحِ الألفِ من ﴿أَنَّمَا﴾ الأُولى، فدلَّ ذلك على أن القراءةَ الصحيحةَ في ﴿يَحْسَبَنَّ﴾ بالياءِ (٢) لما وصَفنا. وأما ألفُ ﴿أَنَّمَا﴾ الثانيةِ فبالكسرِ (٣) على الابتداءِ بإجماعٍ من القرأةِ عليه.

وتأويلُ قولِه: ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾: إنما نؤخِّرُ آجالَهم فنُطِيلُها (٤).

﴿لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾، يقولُ: يكتسِبوا المعاصىَ، فتزدادَ آثامُهم وتكثُرَ.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في ص: "بالفاء".
(٣) في م: "فالكسر".
(٤) في ص: "فيطيلها".