للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ: وعلى هذا التأويل قرأ (١) بعضُ مَن قرأ قوله: (والأرْحامِ) بالخفض، عطفًا بالأرحام على الهاء التي في قوله: ﴿بِهِ﴾ (٢). كأنه أراد: واتقوا الله الذي تَسَاءَلون به وبالأرحام. فعطف بظاهر على مكنيٍّ مخفوضٍ، وذلك غيرُ فصيحٍ من الكلام عند العرب؛ لأنها [لا تَنْسُقُ بظاهرٍ على مَكْنيٍّ] (٣) في الخفضِ إلا في ضرورة شعرٍ، وذلك لضيق الشِّعرِ. وأما الكلام فلا شيء يضطرُّ المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق والردئ في الإعراب منه، ومما جاء في الشعر من ردِّ ظاهرٍ على مكنيٍّ في حال الخفض قولُ الشاعر (٤):

نُعَلِّقُ (٥) في مثل السَّوارِى سُيوفنا … وما بينها والكَعْب [غَوْطٌ نَفَائِفُ] (٦)

فعطف بالكعب، وهو ظاهرٌ، على الهاءِ والألف في قوله: "بينها". وهى مكنيةٌ.

وقال آخرون: بل (٧) تأويل ذلك: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾. واتقوا الأرحام أن تَقْطَعوها.


(١) في ص، م، ت ٣، س: "قول".
(٢) هي قراءة حمزة. السبعة لابن مجاهد ص ٢٢٦.
(٣) تنسق أي تعطف، فالنسق أو الرَّد: العطف، والمكنى: الضمير. وينظر مصطلحات النحو الكوفى ص ٣٦، ٦٠، ومعاني القرآن للفراء ١/ ٢٥٢، ٢٥٣.
(٤) هو مسكين الدارمى، والبيت في ديوانه (مجموع) ص ٥٣. وينظر الحيوان ٦/ ٤٩٤، ومعاني القرآن للفراء ١/ ٢٥٣، وخزانة الأدب ٥/ ١٢٥.
(٥) في الحيوان: "تعلق".
(٦) في الحيوان: "منا تنائف". والغوط: المطمئن الواسع من الأرض. تاج العروس (غ و ط)، والنفنف: الهواء بين الشيئين. تاج العروس (غ و ط)، (نفنف).
(٧) ليست في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.