للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سِواهم، وإنما هذه صفةُ صِنْفٍ مِن الناسِ، والمؤمنُ بما أنْزَل اللَّهُ على محمدٍ وما أُنْزِل مِن قبلِه هو المؤمنُ بالغيبِ.

قالوا: وإنما وصَفهم اللَّهُ بالإيمانِ بما أُنْزِل إلى محمدٍ وبما أُنْزِل إلى مَن قبلَه، بعدَ تقَضِّي وصفِه إياهم بالإيمانِ بالغيبِ؛ لأن وصفَه إياهم بما وصَفهم به مِن الإيمانِ بالغيبِ كان مَعْنِيًّا به أنهم يُؤْمنون بالجنةِ والنارِ والبعثِ وسائرِ الأمورِ التي كلَّفهم اللَّهُ جلَّ ثناؤُه الإيمانَ بها (١)، مما لم يَرَوْه ولم يَأْتِ بعدُ مما هو آتٍ، دونَ الإخبارِ عنهم أنهم يُؤْمنون بما جاء به محمدٌ ومَن قبلَه مِن الرسلِ ومن (٢) الكتبِ.

قالوا: فلما كان معنى قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. غيرَ موجودٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾. كانت الحاجةُ مِن العبادِ إلى معرفتِهم صفتَهم بذلك ليَعْرفوهم، نظيرَ حاجتِهم إلى معرفتِهم بالصفةِ التي وُصِفوا بها مِن إيمانِهم بالغيبِ؛ ليَعْلَموا ما يَرْضَى اللَّهُ مِن أفعالِ عبادِه، ويُحِبُّه مِن صفاتِهم، فيَكُونوا به (٣)، إن وفَّقهم له ربُّهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن عمرِو بنِ العباسِ (٤) الباهليُّ، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ الضَّحَّاكُ بنُ مَخْلَدٍ، قال: حدَّثنا عيسى بنُ مَيْمونٍ المَكِّيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّهِ بنُ أبي نَجِيحٍ، عن مُجاهِدٍ، قال: أربعُ آياتٍ مِن سورةِ البقرة في نعتِ المؤمنين، وآيتان (٥) في


(١) في ر، ت ٢: "به".
(٢) سقط من: م.
(٣) أي بهذا الوصف.
(٤) في ص: "العاص".
(٥) في ت ٢: "اثنان"، وغير منقوطة في ص.