للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاسْتَهْلَكَه (١)، بأكلٍ أو غيرِه، ضمانُه لِمَن اسْتَهْلَكه عليه بإجماعٍ من الجميعٍ، وكان والى اليتيمِ سبيلُه سبيلُ غيرِه في أنه لا يَمْلِكُ مالَ يتيمِه، كان كذلك حُكْمُه فيما يلزمُه مِن قضائِه إذا أكَل منه، سبيلُه سبيلُ غيرِه، وإن فارَقه في أن له الاستقراضَ منه عندَ الحاجةِ إليه، [كما له الاستقراضُ عليه عندَ حاجتِه] (٢) إلى ما يَسْتَقْرِضُ عليه له (٣)، إذ كان قَيِّمًا بما فيه مصلحتُه.

ولا معنى لقولِ مَن قال: إنما عَنَى بالمعروفِ في هذا الموضعِ أكلَ والى اليتيمِ مِن مالِ يتيمِه، لقيامِه عليه (٤) على وجهِ الاعتياضِ على عملِه وسعيِه له؛ لأن لوالى اليتيمِ أن يؤاجرَ نفسَه منه للقيامِ بأمورِه، إذا كان اليتيمُ محتاجًا إلى ذلك، بأجرةٍ معلومةٍ كما يَسْتَأْجِرُ له غيرَه مِن الأُجَراءِ، وكما يَشْتَرِى له مِن نفسِه (٥)؛ غنيًّا كان الوالى أو فقيرًا.

وإذ كان ذلك كذلك، وكان اللهُ تعالى ذِكْرُه قد دلَّ بقولِه: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾. على أن أكلَ مالِ اليتيمِ إنما أُذِنَ لمن أُذِنَ له مِن وُلاتِه، في حالِ الفقرِ والحاجةِ، وكانت الحالُ التي للوُلاةِ أن يُؤاجِروا أنفسَهم مِن الأيتامِ، مع حاجةِ الأيتامِ إلى الأُجَراءِ، [كلَّ حالٍ] (٦) غيرَ مخصوصٍ بها حالُ غِنًى ولا حالُ فَقْرٍ - كان معلومًا أن المعنى الذي أُبِيحَ لهم مِن أموالِ أيتامِهم في كلِّ أحوالهِم غيرُ المعنى الذي أُبِيحَ لهم ذلك فيه في حالٍ دونَ حالٍ.


(١) في ت ١: "فاستملكه".
(٢) سقط من: ص، ت ١.
(٣) سقط من: م، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) سقط من: م، ت ١، س.
(٥) في م: "نصيبه".
(٦) سقط من: م، ت ٣، س، وفى ص، ت ٢: "كان أحوالهم".