عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠]. ولا يكونُ منسوخًا بآيةِ الميراثِ - لم يَكُنْ لأحدٍ صرفُه إلى أنه منسوخٌ بآيةِ الميراثِ، إذ كان لا دَلالةَ على أنه منسوخٌ بها مِن كتابٍ أو سنةٍ ثابتةٍ، وهو مُحْتَمِلٌ مِن التأويلِ ما بَيَّنا.
وإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ قولِه: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾. قِسْمةَ الموصِى مالَه بالوصيةِ أولو قرابتِه واليتامى والمساكينُ، ﴿فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾. يقول: فاقسِموا لهم منه بالوصيةِ. يعنى: فأَوْصوا لأُولِى القُرْبَى مِن أموالِكم، ﴿وَقُولُوا لَهُمْ﴾. يعنى الآخرين، وهم اليتامى والمساكينُ، ﴿قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾. يعنى: يُدْعَى لهم بخيرٍ، كما قال ابن عباسٍ وسائرُ مَن ذكَرنا قولَه قبلُ.
وأما الذين قالوا: إن الآيةَ منسوخةٌ بآيةِ المواريثِ. والذين قالوا: هي مُحْكمةٌ، والمأمورُ بها ورثةُ المَيِّتِ. فإنهم وَجَّهوا قولَه: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾. [يقولُ: فأعطوهم منه](١) وقولوا لهم قولًا معروفًا. وقد ذكَرنا بعضَ مَن قال ذلك، وسنذكُرُ بقيةَ مَن قال ذلك ممن لم نَذْكُرْه.
حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليّ بن أبى طلحةَ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ﴾: أمَر اللهُ جل ثناؤه المؤمنين عندَ قسمةِ مواريثِهم أن يَصِلوا أرحامَهم ويتاماهم مِن الوصيةِ إن كان أَوْصَى، وإن لم تَكُنْ وصيةٌ، وصَل إليهم مِن