للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾: والفاحشة العصيانُ والنُّشُوزُ، فإذا كان ذلك مِن قِبَلِها، فإن قبلها، فإن الله أمره أن يَضْرِبَها، وأمره بالهجرِ، فإن لم تدع العصيان والنشوز، فلا جناح عليه بعد ذلك أن يَأْخُذَ منها الفدية (١).

قال أبو جعفر: وأَوْلَى ما قيل في تأويل قوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾. أَنَّه مَعْنيٌّ به كلُّ فاحشةٍ من بذاءةٍ باللسان على زوجها، وأذًى له، وزِنًى بفرجها، وذلك أن الله جل ثناؤه عمَّ بقوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾. كل فاحشة مبيِّنةٍ ظاهرة، فكلُّ زوج امرأة أتت بفاحشة من الفواحش التي هي زِنًى أو نشوزٌ، فله عَضْلُها على ما بيَّن الله في كتابه، والتضييق عليها حتى تَفْتَدِى منه - بأيِّ معاني فواحش أتت، بعد أن تكونَ ظاهرةٌ مُبيِّنةً - بظاهر كتاب الله ، وصحة الخبر عن رسول الله .

كالذي حدَّثني يوسف (٢) بن سلمان (٣) البصريُّ، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله ، قال: "اتَّقوا الله في النساء، فإنكم أخَذْتُموهنَّ بأمانةِ اللهِ، واستحلَلْتُم فُروجَهنَّ بكلمة الله، وإنّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تَكْرَهُونه، فإن فعَلْنَ ذلك، فاضْرِبُوهُنَّ ضربًا غَيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزْقُهنَّ وكسْوَتُهنَّ بالمعروف" (٤).

حدَّثنا موسى بن عبدِ الرحمنِ المَسْرُوقيُّ، قال: ثني زيدُ بن الحُبابِ، قال: ثنا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ١٠٨ من طريق خالد السجستاني، عن الضحاك مختصرًا.
(٢) في م: "يونس".
(٣) في النسخ: "سليمان". وينظر تهذيب الكمال ٣٢/ ٤٣٢.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة القسم الأول من الجزء الرابع ص ٣٧٧ - ٣٨١، وعبد بن حميد (١١٣٥)، ومسلم ٢/ (١٢١٨)، وأبو داود (١٩٠٥)، وابن ماجه (٣٠٧٤) وابن خزيمة (٢٦٨٧، ٢٨٠٢، ٢٨٠٩، ٢٨١٢، ٢٨٢٦، ٢٨٥٥، ٢٩٤٤)، والطحاوى ٢/ ١٩٠، وفى المشكل (٢٤٣٤، ٤٣٠٠) وابن حبان (٣٩٤٤)، والبيهقى ٥/ ٤٣٣ - ٤٣٨ من طريق حاتم بن إسماعيل به.