للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن ادَّعى أن الله تبارك و تعالى عنَى بقولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾. محصَنةً وغيرَ محصَنةٍ سوى مَن ذكَرْنا أولًا بالاستثناءِ بقولِه: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ - بعضَ أملاكِ أيمانِنا دونَ بعضٍ، غيرَ الذي دللْنا على أنه غيرُ معنيٍّ به، سُئِل البرهانَ على دعواه مِن أصلٍ أو نظيرٍ، فلن يقولَ في ذلك قولًا إلا أُلْزِم في الآخَرِ مثلَه.

فإن اعتلَّ معتلٌّ منهم (١) بحديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ أن هذه الآيةَ نزَلت في سبايا أوطاسٍ، قيل له: إن سبايا أوطاسٍ لم يُوطَأْنَ بالمِلْكِ والسِّباءِ دونَ الإسلامِ؛ وذلك أنهنَّ كنَّ مشركاتٍ مِن عَبَدَةِ الأوثانِ، وقد قامت الحجةُ بأن نساءَ عبدةِ الأوثانِ لا يَحْلِلْنَ بالملكِ دونَ الإسلامِ، وأنهنَّ إذا أسلمْنَ فَرَّق الإسلامُ بينهنَّ وبينَ الأزواجِ، سبايا كنَّ أو مُهاجِراتٍ، غيرَ أنهن إذا كنَّ سبايا، حلَلْنَ إذا هنَّ أَسْلَمْنَ بالاستبراءِ، فلا حجةَ لمحتجٍّ في أن المحصَناتِ اللاتى عناهنَّ بقولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾. ذواتُ الأزواجِ مِن السبايا دونَ غيرِهن، بخبرِ أبى سعيدٍ الخُدْريِّ في (٢) أن ذلك نزَل في سبايا أوطاسٍ؛ لأنه وإن كان فيهن نزَل، فلم يَنْزِلْ في إباحةِ وطئِهِنَّ بِالسَّباءِ خاصَّةً دون غيرِه مِن المعانى التي ذكَرْنا، معَ أن الآيةَ تَنْزِلُ في معنىً، فتَعُمُّ ما نزَلت به فيه وغيرَه، فيَلْزَمُ حكمُها جميعَ ما عمَّتْه؛ لِما قد بيَّنَّا مِن القولِ في العمومِ والخصوصِ في كتابِنا "كتابِ البيانِ عن أصولِ الأحكامِ".

القولُ في تأويلِ قولِ اللهِ: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾.

يعنى تعالى ذكرُه: كتابًا مِن اللهِ عليكم. فأخْرج الكتابَ مَصْدَرًا (٣) مِن غيرِ


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "منكم".
(٢) سقط من: م، ت ٢.
(٣) المراد بالمصدر هنا المفعول المطلق. المصطلح النحوى ص ١٣٩.