للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها (١) طلاقًا، لم يكن لتخييرِ النبيِّ إيَّاها بينَ المُقامِ مع زوجِها والفراقِ معنًى، [ولوجَب] (٢) بالعتقِ الفِراقُ، وبزوالِ ملكِ عائشةَ عنها الطلاقُ. فلمَّا خيَّرها النبيُّ بينَ الذي ذكَرْنا وبينَ المُقامِ مع زوجِها والفِراقِ، كان معلومًا أنه لم يُخَيِّرْ بينَ ذلك إلا والنكاحُ عقدُه ثابتٌ، كما كان قبلَ زوالِ ملكِ عائشةَ عنها، فكان نظيرًا للعتقِ - الذي هو زوالُ ملكِ مالكِ المملوكةِ ذاتِ الزوجِ عنها - البيعُ الذي هو زوالُ ملكِ مالِكها عنها؛ إذ كان أحدُهما زوالًا ببيعٍ، والآخرُ بعتقٍ، في أن الفُرْقةَ لا تجِبُ (٣) بينَها وبينَ زوجِها بهما ولا بواحدٍ منهما، [ولا يجِبُ بهما ولا بواحدٍ منهما] (٤) طلاقٌ (٥) وإن اختلفا في معانٍ أُخَرَ، مِن أن لها في العتقِ الخيارَ في المُقامِ مع زوجِها والفِراقِ، لعلةٍ مفارقةٍ معنى البيعِ، وليس ذلك لها في البيعِ.

فإن قال قائلٌ: وكيف يكونُ معنيًّا بالاستثناءِ مِن قولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾. ما وراءَ الأربعِ مِن الخَمْسِ إلى ما فوقَهنَّ بالنكاحِ، والمنكوحاتُ به غيرُ مملوكاتٍ؟

قيل له: إن الله تعالى لم يَخُصَّ بقولِه: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. المملوكاتِ الرقابَ دونَ المملوكِ عليها بعقدِ النكاحِ أمرُها، بل عمَّ بقولِه: ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. كلا المعنيينِ، أعنى ملكَ الرقبةِ وملكَ الاستمتاعِ بالنكاحِ؛ لأن جميعَ ذلك ملَكتْه أيمانُنا، أمَّا هذه فملكُ استمتاعٍ، وأمَّا هذه فملكُ استخدامٍ واستمتاعٍ وتصريفٍ فيما أُبِيح لمالِكِها منها.


(١) بعده في ص، ت ٢: "عنها".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وقد وجب".
(٣) بعده في م: "بها".
(٤) سقط من النسخ، وأثبتناه لاستقامة السياق، وينظر تعليق الشيخ شاكر.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وطلاق".