للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإسلامِ، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾. ويكونُ بالعِفَّةِ، كما قال جل ثناؤُه: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ (النور: ٤). ويكونُ بالزوجِ، ولم يكنْ خصَّ محصَنةً دونَ محصَنةٍ في قولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ - فواجبٌ أن تكونَ كلُّ محصَنةٍ - بأيِّ معاني الإحصانِ كان إحصانُها - حرامًا علينا، سفاحًا أو نكاحًا، إلا ما ملَكتْه أيمانُنا منهنَّ؛ بشراءٍ، كما أباحه لنا كتابُ اللهِ جلَّ ثناؤه، أو نكاح (١)، على ما أطْلَقه لنا تنزيلُ اللهِ. فالذي أباحه لنا نكاحًا مِن الحرائرِ، الأربعُ سوى اللَّواتى حُرِّمن علينا بالنَّسَبِ والصِّهْرِ، ومِن الإماءِ ما سبَيْنا مِن العدوَّ سوى اللواتى وافَق معْناهن معَنى ما حُرّم علينا مِن الحرائرِ بالنَّسَبِ والصِّهْرِ، فإنهن والحرائرَ فيما يَحِلُّ ويَحْرُمُ بذلك المعنى متفقاتُ المعانى، وسوى اللَّواتى سبَيْناهنَّ مِن أهل الكتابَيِنْ ولهنَّ أزواجٌ، فإن السِّباءَ يُحِلُّهنَّ لمن سباهنَّ بعدَ الاستبراءِ، وبعدَ إخراجِ حقِّ اللهِ الذي جعَله لأهلِ الخُمْسِ منهنَّ.

فأمَّا السِّفاحُ، فإن الله حرَّمه مِن جميعِهن، فلم يُحِلَّه مِن حُرَّةٍ ولا أَمَةٍ، ولا مسلمةٍ ولا كافرةٍ مشركةٍ.

وأمَّا الأمَةُ التي لها زوجٌ، فإنها لا تَحِلُّ لمالِكها إلا بعدَ طلاقٍ زوجِها إيَّاها، أو وفاتِه وانقضاءِ عدَّتِها منه. فأمَّا بيعُ سيدِها إيَّاها، فغيرُ مُوجِبٍ بينَها وبيَن زوجِها فراقًا ولا تحليلًا لمشترِيها؛ لصحَّةِ الخبرِ عن رسولِ اللهِ أنه خيَّر بَرِيرةَ إذ أعْتَقَتْها عائشةُ، بينَ المُقام معَ زوجِها، الذي كان سادتُها زوَّجوها منه في حالِ رقِّها، وبينَ فِراقِه (٢)، ولم يَجْعَلْ عتقَ عائشةَ إيَّاها لها طلاقًا. ولو كان عتقُها وزوالُ مِلْكِ عائشةَ إِيَّاها


(١) في ص، ت ٢، ت ٣، س: "نكاحا".
(٢) أخرجه البخارى (٥٢٨٠ - ٥٢٨٢)، ومسلم (١٥٠٤).