للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما معنى قولِه: ﴿عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. فإنه: وصَلَت وشَدَّت ووكَّدت، ﴿أَيْمَانُكُمْ﴾. يعنى: مواثيقُكم التى واثَق بعضُكم (١) بعضًا.

﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾. ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى "النصيب" الذي أمَر اللهُ أهلَ الحلِفِ أن يُؤْتِيَ بعضُهم بعضًا في الإسلامِ؛ فقال بعضُهم: هو نصيبُه مِن الميراثِ؛ لأنهم في الجاهليةِ كانوا يَتَوارَثون، فأوجَب اللهُ في الإسلامِ من بعضِهم لبعضٍ بذلك الحِلفِ، وبمثلِه فى الإسلامِ، مِن المُوارثةِ مثلَ الذي كان لهم في الجاهليةِ، ثم نسَخ ذلك بما فرَض مِن الفرائضِ لذوى الأرحامِ والقراباتِ.

ذكرُ مِن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، عن الحسينِ بنِ واقدٍ، عن يزيدَ النحويِّ، عن عكرمةَ والحسنِ البصريِّ فى قولِه: (والذين عاقَدَتْ (٢) أيمانكم فآتوهم نصيبَهم إنَّ اللهَ على كلِّ شَيْءٍ شهيدًا) قال: كان الرجلُ يحالِفُ الرجلَ، ليس بينَهما نسبٌ، فيرِثُ أحدُهما الآخرَ، فنسَخ اللهُ ذلك في "الأنفالِ"، فقال: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (٣) [الأنفال: ٧٥].

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ في قولِ اللهِ: (والذين عَاقَدَتْ أيمانُكم). قال: كان الرجلُ يُعاقِدُ الرجلَ فيَرِثُه، وعاقَد أبو بكرٍ مولًى فورِثَه (٤).


(١) فى النسخ: "بعضهم". والمثبت هو الصواب.
(٢) كذا في النسخ، وستأتى فى موضع أخرى ﴿عقدت﴾. وأثبتنا القراءة في كل أثر كما جاء في النسخ.
(٣) ذكره ابن أبي حاتم فى تفسيره ٣/ ٩٣٨ عقب الأثر (٥٢٣٧) معلقًا.
(٤) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٥٨)، (٦٢٥ - تفسير) عن هشيم عن أبي بشر به، وعزاه =