للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليِّ بنِ أبى طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: (وَالَّذِينَ عَاقَدَت أَيْمَنُكُمْ فَئَاتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ): فكان الرجلُ يُعاقِدُ الرجلَ؛ أيُّهما مات ورِثه الآخرُ، فَأَنزَلَ اللهُ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾ يَقُولُ: إلا أن يُوصُوا لأوليائِهم الذين عاقَدوا وصيةً، فهو لهم جائزٌ مِن ثُلُثِ مالِ الميتِ، وذلك هو المعروفُ (١).

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾: كان الرجلُ يُعاقدُ الرجلَ فى الجاهليةِ فيُقُولُ: دمى دمُك، وهَدَمى هَدَمُك وتَرِثُنى (٢) وأرِثُك، وتَطْلُبُ بى وأطْلُبُ بك. فجعَل له السُّدُسَ مِن جميعِ المالِ في الإسلامِ، ثم يَقْسِمُ أهلُ الميراثِ ميراثَهم، فنسِخ ذلك بعدُ في سورةِ "الأنفالِ"، فقال اللهُ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (٣).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ: (والذين عاقَدَتْ أيمانُكم) قال: كان الرجلُ في الجاهليةِ يعاقِدُ الرجلَ فيَقُولُ: دمى دمُك (٤)، وتَرِثُنى وأرِثُك، وتَطْلُبُ بى وأطْلُبُ بك. فلما جاء الإسلامُ بقى منهم


= السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٥٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(١) أخرجه النحاس في ناسخه ص ٣٣٣ من طريق عبد الله بن صالح.
(٢) قال ابن الأثير في حديث بيعة العقبة: "بل الدم الدم والهدم الهدم". قال: فالهدم بالتحريك: القبر، يعني إني أقبر حيث تقبرون. وقيل: هو المنزل: أى منزلكم منزلى. والهدم بالسكون وبالفتح أيضا: هو إهدار دم القتيل، والمعنى: إن طُلب دمكم فقد طُلب دمى، وإن أهدر دمكم فقد أهدر دمى .. وهو قول معروف للعرب عند المعاهدة والنصرة. النهاية ٥/ ٢٥١.
(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ١٥٠ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٤) بعده في س: "وثوبى ثوبك".