للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، فإن رَجَعَت فذاك، وإلا فقد حَلَّ له أَن يَأْخُذَ منها ويُخَلِّيها.

حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا جَرِيرٌ، عن الحسنِ بنِ عُبَيدِ اللَّهِ، عن أبي الضُّحَى، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾. قال: يَفعَلُ بها ذاك ويَضْرِبُها حتى تُطِيعَه في المَضاجعِ، فإذا أطاعتَه [في المَضْجَعِ] (١)، فليس له عليها سبيلٌ إذا ضاجَعَته (٢).

حدَّثنى المُثَنَّى، قال: ثنا حِبَّانُ، قال: ثنا ابنُ المُباركِ، قال: أخبَرنا يحيى بنُ بِشْرٍ، أنه سمِع عِكْرمةَ يقولُ في قولِه: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾: ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ. قال: قال رسولُ اللَّهِ: "اضْرِبُوهُنَّ إذا عصينكم في المعروفِ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ" (٣).

قال أبو جعفرٍ: فكلُّ هؤلاء الذين ذكرنا قولهم لم يُوجبوا للهَجْرِ معنًى غير الضَّرْبِ، ولم يُوجِبوا هَجْرًا -إذ كان هَيْئَةٌ من الهَيئاتِ التي تكونُ بها المضروبةُ عندَ الضَّرْبِ، مع دَلالةِ الخبرِ الذي رواه عِكْرمة عن النبيِّ ، أنه أمَر بضَرْبهِنَّ إذا عَصَين أزواجهنَّ في المعروفِ، من غير أمر منه أزواجهنَّ بهَجْرِهنَّ -لِما وَصَفنا من العِلَّةِ.

فإِن ظَنَّ ظانٌّ أن الذى قُلنا في تأويلِ الخبرِ عن النبيِّ الذي رَواه عِكْرمةُ، ليس كما قلنا، وصَحَّ أن تَرْكَ النبيِّ أمرَ الرجلِ بهَجْرِ زوجتِه إذا عَصَته في المعروفِ، وأمره بضَرْبها قبلَ الهَجْرِ، لو كان دليلًا على صحةِ ما قُلنا من أن معنى الهَجْرِ هو ما بَيَّنَّاه -لَوَجَب أن يكونَ لا معنى لأمر اللَّه زوجها أن يَعِظُها إذا هى


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٤٠١ من طريق الحسن بن عبيد الله به بنحوه.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٥٥ إلى المصنف.