للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾. قال: هؤلاء أهلُ النفاقِ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حَجّاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ في قولِه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ قال: هذا المنافقُ، يخالفُ قولُه فعلَه، وسرُّه علانيتَه، ومَدْخَلُه مَخْرَجَه، ومَشْهَدُه مَغِيبَه (٢).

وتأويلُ ذلك أن اللَّهَ لما جمَع لرسولِه محمدٍ أمرَه في دارِ هجرتِه، واسْتَقرَّ بها قرارُه، وأظْهَر اللَّهُ بها كلِمتَه، وفشا في دُورِ أهلِها الإسلامُ، وقهَر بها المسلمون مَن فيها مِن أهلِ الشركِ مِن عَبَدةِ الأوْثانِ، وذلَّ بها مَن فيها مِن أهلِ الكتابِ - أظْهَر أحبارُ يهودِها لرسولِ اللَّهِ الضَّغائنَ، وأبْدَوا له العداوةَ والشنآنَ (٣)، حسدًا وبَغيًا، إلا نفرًا منهم هداهم اللَّهُ للإسلامِ فأسْلَموا، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: ١٠٩]. وطابَقهم سرًّا على معاداةِ النبيِّ وأصحابِه وبغيِهم الغوائلَ (٤) - قومٌ مِن أراهطِ (٥) الأنصارِ الذين آوَوْا رسولَ اللَّهِ ونصَروه، كانوا (٦) قد عَسَوا (٧) في شركِهم وجاهليَّتِهم


(١) أخرجه أبن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٢ (١٠٥) من طريق أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٧٢ عن ابن جريج به.
(٣) في ص: "الشنار". والشنآن: البغض. اللسان (ش ن أ).
(٤) الغوائل: الدواهي. اللسان (غ و ل).
(٥) الأراهط جمع الرهط: ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة. اللسان (ر هـ ط).
(٦) في م: "وكانوا".
(٧) في م: "عتوا".