للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن بخلِهم (١).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن محمدٍ بنِ أبى محمدٍ، عن عكرمةَ أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: كان كَرْدَمُ بنُ زيدٍ -حليفُ كعبِ بنِ الأشرفِ- وأسامةُ بنُ حَبيبٍ ونافِعُ بْنُ أَبِى نافعٍ، وبَحْرِيٌّ بنُ عَمرٍو، وحُيَىُّ بنُ أَخْطَبَ، ورفاعةُ بنُ زيدِ بنِ التابوتِ، يأتون رجالاً مِن الأنصارِ -وكانوا يُخالِطُونهم، يَتَنصَّحون لهم- مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ، فيقولون لهم: لا تُنْفِقوا أموالكم، فإِنَّا نَخْشَى عليكم الفقرَ فى ذَهابِها، ولا تُسارِعوا في النفقةِ، فإنكم لا تَدْرُون ما يكونُ. فأنْزَل اللهُ فيهم: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾. أى مِن النبوَّةِ التي فيها تصديقُ ما جاء به محمدٌ . ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾. إلى قولِه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا﴾ (٢).

فتأويلُ الآيةِ على التأويلِ الأولِ: واللهُ لا يُحِبُّ ذَوِى الخُيَلاءِ والفخرِ الذين يَبْخَلُون بتبيينِ ما أمَرهم اللهُ بتبيينِه للناسِ مِن اسمِ محمدٍ ونعتِه وصفتِه التي أنْزَلها في كتبِه على أنبيائِه، وهم به عالمون، ويَأْمُرون الناسَ الذين يَعْلَمون ذلك، مثلَ علمِهم [بكتمانِه مَنْ] (٣) أَمَرهم اللهُ بتبيينِه له، ويَكْتُمون ما آتاهم اللهُ مِن علمِ ذلك ومعرفتِه مَن حرَّم اللهُ عليه كتمانَه إيَّاه.

وأمَّا على تأويلِ ابنِ عباسٍ وابنِ زيدٍ: إن اللهَ لا يُحِبُّ مَن كان مُختالًا فخورًا،


(١) انظر تبيان الطوسى ٣/ ١٩٦.
(٢) أخرجه ابن إسحاق كما في الدر المنثور ٢/ ١٦٢، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٥٣ (٥٣٢٧) من طريق سلمة به، مختصرا وعزاه السيوطى أيضًا في الدر المنثور ٢/ ١٦٢ إلى ابن المنذر.
(٣) في م: "بكتمان ما".