للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنهم كانوا لمَّا أمَرهم بالإيمانِ به يومَئذٍ كفارًا.

وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ فسادُ قولِ مَن قال: تأويلُ ذلك: [من قبلِ] (١) أن نُعْمِيها عن الحقِّ فنَرُدَّها في الضلالةِ، [وما] (٢) وَجْهُ رَدِّ مَن هو في الضلالِة فيها؟ وإنما يُرَدُّ في الشيءِ مِن كان خارجًا منه، فأما مَن هو فيه، فلا وَجْهَ لأَنْ يقالَ: يَرُدُّه فيه.

وإذ كان ذلك كذلك، وكان صحيحًا أن الله جلَّ ثناؤه قد تَهَدَّد الذين ذكَرهم في هذه الآيةِ، بِرَدِّه وجوهَهم على أدبارِهم، كان بَيِّنًا فسادُ تأويلِ مَن قال: معنى ذلك: يُهَدِّدُهم بِرَدِّهم في ضَلالتِهم.

فأما الذين قالوا: معنى ذلك: مِن قبلِ أن نجعَلَ الوجوهَ مَنابِتَ للشَّعَرِ، كَهَيْئةِ وجوهِ القِرَدةِ، فقولٌ لقولِ أهلِ التأويلِ مُخالفٌ، وكَفَى بخُروجِه عن قولِ أهلِ العلمِ مِن الصحابةِ والتابعين، فمَن بعدهم مِن الخالِفين، على خطِئه شاهدًا.

وأما قولُ مَن قال: معناه: مِن قبل أن نَطْمِسَ وجوهَهم التي هم فيها، فنَرُدُّهم إلى الشامِ مِن مساكنِهم بالحجازِ ونَجْدٍ، فإنه وإن كان قولًا له وَجْهٌ، فممَّا (٣) يدلُّ عليه ظاهرُ التنزيلِ بعيدٌ، وذلك أن المعروفَ مِن الوجوهِ في كلامِ العربِ [إذا هي ذُكرت مطلقةً غيرَ موصولةٍ بما (٤) يَدُلُّ على أنها عُنى بها غيرُ الوجوهِ التي هي خلافُ الأقفاءِ، أنه مرادٌ بها] (٥) التي هي خلافُ الأقفاءِ، وكتابُ الله جلَّ ثناؤُه يُوَجَّهُ (٦) تأويلُه إلى


(١) سقط من: ص، م.
(٢) في ص، م: "فما".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كما".
(٤) في الأصل: "ما"، وما أثبتناه موافق لسياق الكلام.
(٥) سقط مِن: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) في الأصل: "موجه".