للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِمَّنْ تَشَاءُ﴾ [آل عمران: ٢٦]. [وإنما نقولُ: هم العلماء الذين يَطَيفون (١) على السلطانِ] (٢)، ألا تَرَى أنه أمرهم فبدأ بهم؛ بالولاةِ فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾. [والأماناتُ هي] (٣) الفَيْءُ الذي اسْتَأْمنهم على جمعِه وقَسمِه، والصَّدَقَاتُ التي اسْتَأْمَنهم على جَمْعِها وقِسْمتِها، ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ الآية كلها. فأمَر بهذا الولاةَ، ثم أقبَل علينا نحن فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.

وأما الذي قال ابن جريجٍ مِن أن هذه الآية نزَلت في عثمانَ بن طلحةَ، فإنه جائزٌ أن تَكُونَ نزَلت فيه وأُرِيدَ به كلُّ مُؤتَمنٍ على أمانةٍ، فدخَل فيه وُلاةُ أمورِ المسلمينِ وكلُّ مُؤْتَمَنٍ على أمانةٍ في دينٍ أو دنيا، ولذلك قال مَن قال: عُنى به قضاءُ الدَّيْنِ وردُّ حقوقِ الناسِ.

كالذي حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾: فإنه لم يُرخِّصْ لمُوسرٍ ولا مُعْسرٍ أن يُمسكها (٤).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾. عن الحسنِ أن نبيَّ اللهِ كان يَقُولُ: "أد الأمانةَ إلى مِن ائْتَمنك، ولا تَخُنْ مِن خانكَ" (٥).


(١) في الأصل: "يطعمون".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط مِن: الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٧٥ إلى المصنف.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٧٥ إلى المصنف. وروى من حديث أبي هريرة وأنس وغيرهما، =